لكن إذا كان رجال القصة الأولى ثقات، ورجال القصة الثانية فيهم ضعف، وأضفنا القصة الثانية إلى القصة الأولى برجال القصة الأولى؛ ترتب على هذا قبول القصتين، ولولا هذا الإدراج ما قبلت القصة الثانية، لولا هذا الإدراج ما قبلت القصة الثانية، ففي هذا الإدراج تغرير؛ تغرير للواقف على هاتين القصتين بقبولهما معاً، مع أن الأولى مقبولة، والثانية غير مقبولة؛ لأن رواتها فيهم ضعف، وقد يكون فيها زيادات يتأثر فيها الحكم، فلا بد من فصل القصتين وذكر رواة كل من القصتين، لو عكسنا، وقلنا: إن رجال القصة الأولى ثقات، ورجال القصة الثانية ضعفاء، ثم أدخل رجال القصة الأولى في رجال القصة الثانية، وروى القصتين، وساقهما مساقاً واحداً عن رجال القصة الثانية الذين فيهم ضعف؛ جنايته على الخبر من أي وجه؟ الصورة الأولى: جنايته على الخبر بجعل الناس يعملون بخبر لا يجوز العمل به؛ لأنه ضعيف، والصورة الثانية: جعل الناس يتركون ما تقوم به الحجة، يتركون ما تقوم به الحجة؛ واضح وإلا ما هو بواضح؟ واضح.
يعني ننظر لهذا بصنيع ابن الجوزي في الموضوعات، وصنيع الحاكم في المستدرك؛ صنيع ابن الجوزي في الموضوعات في الحكم بالوضع على أحاديث صحيحة؛ وإن كان نادراً، والحكم بالوضع على أحاديث حسنة؛ وهذا موجود، وحكم بالوضع على أحاديث ضعيفة لا تصل إلى درجة الوضع، هذا أقرب ما يكون بالصورة الثانية؛ يعني يحرم الناس من العمل بأحاديث مقبولة، بينما صنيع الحاكم يقرب من الصورة الأولى، فقد صحح أحاديث ضعيفة، فيجعل المطلع والواقف على كتابه يعمل بأحاديث لا يجوز العمل بها، التنظير مطابق وإلا غير مطابق؟ وضح لنا الصورتين أو ما وضح؟ اتضحت الصورتان من خلال هذا التنظير، وإلا ما اتضحتا؟
أيهما أبلغ في الضرر؟ صنيع ابن الجوزي، أو صنيع الحاكم؟ يعني كون الناس يحرمون من أحاديث صحيحة حكم عليها ابن الجوزي بالوضع، وفيها أحكام، أو كون الناس يعملون بأحاديث ضعيفة حكم عليها الحاكم بالصحة، أو نقول: هما على حد سواء؟