يعني لو نظرنا إلى التجريد مختصر البخاري مع أصله يكاد أن يكون التجريد لا قيمة له بالنسبة للأصل، يعني في كتاب الرقاق أورد الإمام البخاري مائتي حديث فيما يقرب من مائة وخمسين ترجمة بآثار الصحابة والتابعين، مع التكرار مع الأسانيد، مع الدرر التي أوردها الإمام في هذا الكتاب، وبرع فيه براعة فائقة، المختصر اقتصر منها على عشرة أحاديث، بدون أسانيد، وبدون تراجم، وبدون شيء، ما فائدة هذا؛ أي فائدة في هذا الكتاب بالنسبة لأصله؟ نعم أنا أحث الطلاب على أن يختصروا بأنفسهم، يختصروا الكتب، وهذه وسيلة نافعة ناجعة ناجحة من وسائل تحصيل العلم، طالب العلم يعمد إلى كتاب مطول يختصره بنفسه، ويديم النظر فيه، ويكرر النظر فيه ليرى ويستقر رأيه على ما يثبت وما يحذف، وإذا انتهى من الكتاب صار علمه بما حذف كعلمه بما أثبت، يكون لديه إحاطة بالكتاب، وهذه من أنفع وسائل التحصيل، فهناك كتب تصعب قراءتها أكثر من مرة، فإذا قرأها مرة واحدة .. ، فتح الباري مثلاً لو طبع مثل الطبعات الحديثة هذه جاء في خمسين مجلد، أو ما يكفيه، بإمكان طالب علم أن يختصره بقدر ربع؛ لكن بعناية يختصر بعناية ما هو بيقرأ قراءة عابرة، ويقوس وهو ماشي، لا، يفهم ويش اللي يثبت، ويفهم أيضاً -ما يحذف-، لكن لو تولاه غيرك، ما الذي يدريك بما حذف، لعلك تكون في أمس الحاجة إليه، قد تكون حاجتك إلى ما حذف المختصر أكثر من حاجتك إلى ما أثبت، لكن أنت أدرى بنفسك، نعم هذه الطريقة لا يطيقها، أو لا يقدر عليها كثير من طلاب العلم، لكنها مقدورة