للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عددهم كثير لا كثرهم الله، ذكر الحافظ ابن كثير -رحمه الله تعالى- عن شخص من المتكلمين أنه أنكر الوضع في الحديث، وقال: كل ما ينسب إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فهو صحيح؛ لأن الوضع في الحديث، والكذب، التمكين من الكذب على النبي -عليه الصلاة والسلام- ينافي حفظ الدين، والله -جل وعلا- يقول: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [(٩) سورة الحجر]، والسنة بيان للقرآن، فكيف يبين المحفوظ بغير محفوظ، فأنكر أن يوجد الوضع في الحديث، فانبرى له شخص، وذكروا أنه كان صغير السن هذا الشخص، فقال له: ما رأيك في حديث: "سيكذب علي"؟ فالرد حاصل بالنفي والإثبات، إن قال: صحيح، طبعاً أنت قلت: ما يكذب على النبي -عليه الصلاة والسلام-، وصححت أنه سيكذب عليه؛ تناقضت، وإن قال: ليس بصحيح، أنت قلت: ما يكذب عليه، والآن كذب عليه، هاه، هذا الحديث، وبعضهم ينكر مثل هذا الكلام، بعضهم ينكر مثل هذا الكلام، وأنه لا يصح، ولا يثبت عن أحد، لكن إنكاره، وعدم إنكاره هو لا يترتب عليه حكم، فالحديث ليس بصحيح، لكن إلزام المتحدث من عدم التزام المحدث الذي حدث بهذا الحديث لا يلتزم به، إنما جاء به ليلزم به المتحدث، ومثل هذا في باب المناظرة يقبل؛ لأن قلب الأحاديث، القلب في الأسانيد، والمتون يجيزه أهل العلم للامتحان، لامتحان الطالب ما لم يثبت عليه، بل ينفى في المجلس، في المكان، امتحان الطالب، كما امتحن الطالب من قبل أهل العلم ببعض الأحاديث المقلوبة التي لا يجوز قلبها لغير الامتحان، وهذا من باب الرد، والإلزام جوازه من باب أولى، ولا شك أن مثل هذا الكلام رد واضح عملي على هذا الذي لا علم له بعلم الحديث، لا علم له بعلم الحديث، فمثل هذا لا بد أن يرد عليه، ومن تعاطى غير فنه أتى بالعجائب، والواقع يشهد بخلاف ما قال، فالواضعون للحديث كثر، لا كثرهم الله، بعض الناس يورد الأحاديث، ولا بضاعة له من الحديث، لا من قريب، ولا من بعيد، فالغزالي في مؤلفاته يورد أحاديث، ويرتب عليها أحكام، ويستنبط منها، ومع ذلك يقول: بضاعته في الحديث مزجاة، وواقع كتبه يشهد بذلك، والإحياء على رأسها فيه أحاديث موضوعة كثيرة، والرازي يبني بدعه