وقاموا بأعباء ما تحملوه على الوجه الأكمل، قيل لابن المبارك: هذه الموضوعات، يعني يشتكي بعضهم لابن المبارك، ويقول: هذه الموضوعات، الأحاديث الموضوعة المكذوبة على النبي -عليه الصلاة والسلام-، فقال ابن المبارك: تعيش لها الجهابذة، فتصدى له أهل العلم، وفندوها، وردوها، وبينوا وضعها، وكشفوا عوارها، وأقوال أهل العلم في هذا، ومصنفاتهم كثيرة، والله -جل وعلا- قيضهم لهذا الأمر، حتى قال قائلهم: لو أن شخصاً هم بالليل أن يضع حديثاً؛ لأصبح الناس يتحدثون بأن فلاناً كذاب، قبل أن يكذب، وهذا كله لحفظ هذا الدين الذي وعد الله -جل وعلا- ببقائه إلى قيام الساعة، لكن على أهل العلم أن يقوموا بما كلفوا به، وإلا إذا تخاذلوا لا شك أن الشر ينتشر، إذا تراخوا وتخاذلوا، واتكل كل واحد، وتوكل كل واحد على غيره، فإن لا شك أن التبعة على أهل العلم عظيمة، وسواءٌ كان في مثل هذا الباب من تفنيد الشبه، وما يلصق بالدين مما لا يصح، أو كان –أيضاً- بإنكار الشهوات، والمعاصي، والمنكرات، كل هذا لا بد من التصدي له، وإلا فالنتيجة أن يكثر الخبث، وتحل العقوبة، كما قالوا للنبي -عليه الصلاة والسلام-: أنهلك، وفينا الصالحون؟ قال:((نعم إذا كثر الخبث))، مع وجود الصالحين، ولا يكثر الخبث إلا إذا تواطأ الناس على إنكاره، أما إذا وجدت سنة المدافعة، وقام كل إنسان بما أوجب الله عليه، فإن هذا الخبث ضعيف لن يصمد أمام قوة الحق.
. . . . . . . . . ... فبينوا بنقدهم فسادها
"نحو" يعني مثل "أبي عصمة" نوح بن أبي مريم الجامع، يعني جمع بين علوم كثيرة، فهو جامع، هذا لقبه، وابن حبان، وغيره يقولون: جمع كل شيء إلا الخير -نسأل الله السلامة والعافية-،
نحو أبي عصمة إذ رأى الورى ... . . . . . . . . .
"إذ رأى الورى" يعني الخلق "زعماً" يعني على حد زعمه "نأوا" يعني أعرضوا "عن القرآن" أعرضوا عن القرآن، واشتغلوا بفقه أبي حنيفة، ومغازي ابن إسحاق، مع أنه من تلاميذ أبي حنيفة، وابن إسحاق، هو من طلابهم، فرآهم اشتغلوا عن القرآن بغيره، بالفقه، وبالمغازي، فأراد أن يردهم إلى القرآن؛ لأن القرآن أعظم ما يعتنى به.