يعني حين قيل له: لم تركت حديث فلان؟ لم تركت حديث فلان؟ قال: رأيته يركض على برذون! رأيته يركض على برذون! وأيضاً سئل بعضهم: لم تركت الرواية عن فلان؟ قال: لأنه رأيته يبول قائماً، رأيته يبول قائماً، نعم إن كان بمرأى من الناس هذا ترد روايته، وإن كان لذات البول قائماً، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- انتهى إلى سباطة قوم فبال قائماً، ويروى عن شعبة أنه أتى المنهال ابن عمرو يعني ليروي عنه، فسمع صوتاً من داره؛ فتركه، فتركه، يعني سمع صوت، ويختلفون في هذا الصوت؛ بعضهم يقول: صوت طمبور، يعني آلة لهو، وهذا إن كان هو الذي يستعملها، أو تستعمل بعلمه قادح، ومنهم من يقول: إنه يقرأ بالألحان، يقرأ القرآن بالألحان، يعني يمد مدود زائدة، ويقرأ بالتطريب، يعني كصنيع كثير من القراء الآن، فلم يسمع منه شعبة، وهذا جرح إذا ترتب عليه زيادة في المدود ينشأ عنها زيادة حروف؛ قادح هذا، والمنهال هذا وثقه جماعة من أهل العلم منهم ابن معين، والنسائي، واحتج به البخاري، بل وعلق عنه البخاري في صحيحه من رواية شعبة نفسه، فعلى هذا شعبة لم يترك الرواية عنه، ومنهم من يقول: السبب في ذلك أن الرواية لهذا الخبر عن شعبة عن المنهال كانت قبل هذه الحادثة، قبل أن يسمع منه صوت الطمبور أو الصوت، أو لعله تاب من ذلك، فحمل عنه شعبة؛ لأنه زال المانع، فبان بما ذكر أن البيان مزيل لهذا المحذور، يعني قد تختلف أنت وشخص، يعني قد تسمع شخصاً يقول حكماً شرعياً؛ إما حرام، أو يقول: يجب، ثم إذا قلت له: ما الدليل، ذكر دليل لا ترضى به أنت، فإذا استفسرته ذكر ما لا يصلح أن يكون دليلاً كما هنا، قد يذكر ما لا يصلح أن يكون قادحاً.
من العجائب أن ابن حزم ضعف المنهال في أوائل المحلى، وتضعيفه إنما هو بسبب سماع الصوت، وابن حزم يحرم الصوت، وإلا يجيزه؟ يجيزه بجميع آلاته، وأشكاله، وألحانه؛ فكيف يضعف المنهال وهو مضعف بأمر لا يراه؟! هذه من العجائب.