للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مجهول الحال باطناً فقط مع أن عدالته الظاهرة سواءٌ كانت بما يستدل به عليها مما يدركه من له خبرة بهذه الأمور، أو نص عليها أهل العلم ممن خفي عليه الحال الباطنة، هذا قَبِله جمع من أهل العلم، وابن حبان في ثقاته جارٍ عليه، جارٍ عليه، ولذا قال أهل العلم: إنه يوثق المجاهيل، وذكر في ثقاته بعض المجاهيل، هو ماش على أن الناس إنما كلفوا الحكم على الظاهر، وأما السرائر، فالذي يتولاها الله -جل وعلا-، وهذا الذي يترجح، أن مجهول الحال باطناً فقط مقبول حتى يظهر خلاف الظاهر، حتى يظهر خلاف الظاهر، والذي يرد مثل هذا النوع حتى نعرف العدالة الباطنة، يقول: إن الناس قد يتصنع لهم أحد زمناً طويلاً، ويثقون به، ويثقون به، ويعدلونه بناءً على هذا التصنع، كما سبق في أمثلة الدرس الماضي ممن اشترط بيان سبب التعديل، وقالوا: إن عبد الله بن عمر العمري المكبر قال فيه يعقوب بن سفيان: إنما يضعفه رافضي مبغض لآبائه، لو رأيت لحيته، وهيئته؛ عرفت أنه ثقة، فكون الإنسان يتصنع، ويظهر للناس خلاف ما يبطن هذا لا شك أنه يقدح في هذا القول، لكن الأصل في المسلمين العدالة، يعني يندر أن يوجد مثل هذا، والنادر لا حكم له، بل وجد من دخل بين المسلمين ممن ليس بمسلم، وسكن في المسجد، وأم الناس دهراً طويلاً، وهو ليس بمسلم، وجد، فهل مثل هذه الأمثلة النادرة، يعني إذا وجد مثال من هذا، أو ذاك؛ هل يؤثر على القاعدة، والحكم الأصلي؟ إننا إنما كلفنا في أحكامنا على الناس بالظواهر، ونكل السرائر إلى الله -جل علا-، ولذا لو كلفنا الحكم بالباطن لكلفنا أمراً عسيراً، ولما شُك في أحكام القضاة، لو كُلفنا التعديل على الباطن، وبيان العدالة الباطنة، والقاضي يطلب المزكين الذين يشهدون بأن هذا باطنه كظاهره؛ لما وجد في الأحكام خلل، ووجود الأحكام الشرعية الصحيحة النافذة التي تكون على خلاف، قد تكون على خلاف الواقع، وهي صحيحة شرعاً، ونافذة؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- المؤيد بالوحي يقول: ((إنما أنا بشر أقضي على نحو ما أسمع، فمن قضيت له بشيء من حق أخيه، فإنما أقتطع له قطعة من نار، فليأخذها، أو ليدعها))؛ فهل كلامهم في العدالة الباطنة تقتضي مطابقة الأمر، أو الحكم