هذا بالنسبة لمن لم يصل إلى حد الكفر ببدعته، أما من كفر ببدعته كالفلاسفة الذين ينكرون علم الرب -جل وعلا- بالجزئيات، يقولون: هو يعلم الكليات، ولا يعلم الجزئيات، ومثلهم غلاة المتصوفة الذين يتجردون عن التكاليف، ويزعمون أنهم وصلوا إلى حد ترفع فيه عنهم التكاليف، وأن الولي فوق الرسول، ويدعون، ومن يدعو من دون الله -جل وعلا- من الأولياء، والأضرحة، أو غيرهم هؤلاء لا يدخلون في الخلاف؛ لأن هذه بدع مكفرة، وابن الصلاح لم يذكر هذا النوع في الخلاف السابق، لكن ابن حجر يقول: التحقيق أنه لا يرد كل مكفر ببدعته، لا يرد كل مكفَّر ببدعته؛ لأن كل طائفة تدعي أن مخالفيها مبتدعة، أن مخالفيها مبتدعة، وقد تبالغ بتكفيرها، فلو أخذ ذلك على الإطلاق لاستلزم تكفير جميع الطوائف، تكفير جميع الطوائف، فالمعتمد أن الذي ترد روايته من أنكر أمراً متواتراً من الشرع، معلوماً من الدين بالضرورة، معلوماً من الدين بالضرورة، كلام ابن حجر يقول: لأن كل طائفة تدعي أن مخالفيها مبتدعة، وقد تبالغ بتكفيرها، يعني هذا الكلام من ابن حجر لا يجعل عند المسلم مرجعاً يرجع إليه في وزن الناس سواءٌ كانوا أفراداً، أو جماعات، مادام الرافضة يكفرون السنة، والسنة يكفرون الرافضة، والخوارج منهم من يكفرهم، وهم يكفرون الناس، والطائفة تكفر، وتفعل، نعم، إذن كل واحد يدعي أن خصمه كافر، فلا نحكم برد الرواية، ولا نحكم بالتكفير لأجل هذا؛ لأننا لو حكمنا بهذا لقلنا: كل الناس كفار، لكن هل يضير المسلم المتمسك بدينه، المعتصم بالكتاب والسنة، وعلى مثل ما كان عليه الرسول -عليه الصلاة والسلام-، وأصحابه أن يكفره غيره، هل يضيره هذا؟ هل يقدح فيه أن يكفره غيره؟ وإلا ما صار عندنا ميزان، إذا بغينا إننا –والله- هذا كفر هذا، وذاك كفر هذا إذن يلزم عليه تكفير الجميع، لا، عندنا حكم، عندنا الكتاب والسنة.