الأمر الثاني: كوننا نقبلهم، أو هم يقبلوننا، مصادرهم غير مصادرنا، يعني هل عند الخوارج من الأحاديث ما يروى من طريق أهل السنة بحيث نحتاج إلى ثبوتها، يعني حينما يعتمد الإباضية على كتاب مسند الربيع، لو ضعفوا حديثاً بأنه يوجد فيه شخص من أهل السنة، ألا عندنا ما يكفي بدل هذا الحديث مما نعمل به، أو من كتب الرافضة، والشيعة من كتبهم الكبيرة التي تبلغ مئات المجلدات، وألوف مؤلفة من المؤلفات، هم لا يقبلوننا أصلاً في الرواية، ولو وجدنا في كتبهم حديثاً بسند فيه منهم، أو منا لكنه لا يوجد إلا عندهم، يعني الاختلاف جذري، الاختلاف في مصادر التلقي، فكوننا نقول: إنهم يكفروننا، ونحن نكفرهم، فإذن نأخذ بالقدر المشترك، مثل ما قال ابن حجر: إذا أنكر أمراً معلوماً من الشرع بالضرورة، أمراً متواتراً من الشرع معلوماً من الدين بالضرورة، إذا فعل هذا يكفي، إن كان يريد أن يخرج أهل السنة من هذا الكلام نعم، قد يكون له وجه، لكن عموم كلامه يدخل أهل السنة؛ لأنه في مع الناس يكفرون من يستحق التكفير، ويكفرهم من يخالفهم، فالمسألة تحتاج إلى دقة، أما من كفر ببدعته بمعاندة لا بنوع شبهة؛ لأن الإنسان قد يرتكب مكفراً، ولا يكفر به، يعذر بجهله، يعذر بشبهة، ما بلغه الدليل، ما فهم الدليل بحيث يكون فهمه للنصوص كفهم الأعاجم، مثل هذا لا بد أن يبين له الدليل، يعني بعض العوام من المبتدعة، بعض العامة يطوف بقبر مثلاً، وتورد له من الأدلة ما تورد، يقول: والله ما أدري ويش أنت تقول؟ لأنه إذا وجد هذا في عوام أهل السنة ما يفهمون بعض النصوص، فلأن يوجد في عوام المبتدعة من باب أولى، فمثل هؤلاء لا يجزم بتكفيرهم، ولو كان عملهم كفراً، الكلام في أهل العلم الذين يعرفون النصوص، تبلغهم الحجج، ولذا صار لبلوغ الحجة، وظهورها عند الخصم أثراً في قبول دعواه، وعدم قبولها، لو نظرنا إلى أبي طالب، أبو طالب لا شك أن نفعه للرسول، وللرسالة ظاهر، صح، وإلا لا؟ نعم ظاهر، لكنه مات على ملة أبيه، هو يموت على ملة عبد المطلب، فهو كافر، هل نقول إن نصره للدين نفعه، أو ما نفعه؟ نعم.