الزاد معروف أنه فيه أكثر من ثلاثين مسألة، اثنتين وثلاثين مسألة خالف فيها المذهب، خالف فيها المذهب، فضلاً عن المسائل المرجوحة من حيث الدليل؛ لأن هذه الكتب، وهذه المتون ليست دساتير ملزمة، بل هي كخطة بحث لطالب العلم، يدرس مسائل هذه المتون مسألة مسألة، في المرة الأولى يتصور المسألة إلى أن ينتهي الكتاب يتصور مسائل الكتاب، ثم بعد ذلك مرحلة ثانية يستدل لهذه المسائل، ثم عرضة ثالثة يذكر، أو يحرص على الوقوف على من وافق المؤلف، ومن خالفه داخل المذهب، وخارج المذهب بعد ذلك إذا انتهى بهذه الكيفية، واطلع على المذاهب بأدلتها، ووزان بين هذه الأدلة، واستطاع أن يرجح انتهى، صار فقيهاً، لا سيما إذا كان مجبولاً على فقه النفس، يعني بعض الناس يستمر يطلب العلم، ويقرأ الكتب، ويراجع الشيوخ، لكن ليس مؤهلاً في تركيبه أن يكون فقيهاً، فمثل هذا لا يحرم، ولا يخسر هذا التعب، وهذا الجهد، ولو لم يكن له إلا أنه سلك السبيل، والطريق يلتمس فيه العلم، وله أجره -إن شاء الله تعالى-.
إذا تقرر هذا فإن الزاد حظي بعناية من أهل العلم، وإن كان مؤلفه متأخراً في القرن العاشر، لكن صارت له عناية، وله رواج بين العلماء، والمتعلمين، وصار كأنه صارت له شبه قدسية لدى المتفقهه من الحنابلة لا سيما المقلدة، لكنه مع ذلك مثل ما قلنا: أنه ينبغي أن يجعله طالب العلم كخطة بحث، أو عناصر بحث يبحث هذه المسائل، ولا يعني أنه لا يخرج عنها، ولا يحيد عنها أبداً.
له شروح، له شروح، وكان الكتاب فيه عسر على بعض طلاب العلم، حتى المتوسطين منهم في بعض عباراته عسر، لا يحلها الشرح، ولا حواشيه، حتى ذلَّله، وسهله الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- في شرحه الممتع، صار أمره ميسوراً، ولله الحمد بهذا الشرح، فرحمة الله على الشيخ.