بما في تدريب الراوي وبما توضيح الأفكار للصنعاني، ثم بعد ذلك إذا أنهى هذا العلم على هذه الكيفية وطبق ما درسه نظرياً على التخريج ودراسة الأسانيد العملية، وعرض ما يكتبه على أهل الاختصاص، ويصوبون له في ذلك كله، يتأهل حينئذٍ للنظر في أحكام الأئمة، وتتكون لديه الملكة التي يتعامل بها مع أقوال الأئمة، وهذا العلم بحر، لا يمكن إدراكه في أيام أو في أشهر أو في سنوات، إذا قرأ الألفية مع شروحها، وقارن بها مطولات هذا الفن، تأهل للنظر في أقوال الأئمة، وقبل ذلك ينظر في كتب العلماء الذين عنوا بأقوال الأئمة المتقدمين كابن عبد البر وابن رجب وغيرهما من العلماء الذين لهم عناية فائقة بأقوال المتقدمين، وهذا لا يعني أن غير هذين الإمامين لا يعنون بكلام المتقدمين لا حاشا وكلا، لا نعني بذلك أن الذهبي وابن حجر أو غيرهما من أهل العلم لا عناية لهم، لا، لهم عناية، ومعولهم على أقوال الأئمة، وعمدتهم أحكام الأئمة، وإشارات الأئمة في أحكامهم، لكن هم صنفوا في هذا العلم على الكيفية والترتيب الذي ذكروه وكل ارتضى منهج له في كيفية تقرير هذه القواعد المنضبطة إلى حد ما نظرياً، وإن كانت الأحكام العملية قد تختلف إذا تأهل الطالب، الآن الطالب في مرحلة التلقي والطلب حكمه حكم العامي يقلد هؤلاء في قواعدهم النظرية، وفي تطبيقاته أيضاً، لكن إذا تأهل فحكمه في ذلك حكم من تأهل للنظر في النصوص والموازنة بين الأدلة والاجتهاد في الأحكام، إذ لا يقلد في دينه الرجال إذا تأهل لذلك، أما قبل التأهل فلا مفر له ولا محيد من تقليد العلماء، وفرضه كالعامي سؤال أهل العلم، سواء سؤالهم المباشر أو التخرج على كتبهم، الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في مقدمة النخبة ذكر أن الكتب المصنفة في هذا العلم قد كثرت، وصارت مثار تردد وحيرة بالنسبة للطالب المبتدئ بما يبدأ، وبسطت واختصرت نعم أهل العلم أحياناً يؤلفون المطولات لتفهم، ويزداد علمها، وتزداد الثورة العلمية عند طالب العلم، وأحياناً يختصرون، لتحفظ وتقرر وتدرس وتدرس، وهل من العبث مثلاً أن يؤلف كتاب في فن ثم يأتي عالم لهذا الكتاب فيختصره بربع الحجم مثلاً، ثم يأتي ثالث فيشرح هذا المختصر، يعني هذا عبث عند أهل