للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جمع أهل العلم بعض الألفاظ، وهي كثيرة جداً في كتب الرجال، ذكروا هذه الألفاظ مرتبة حسب قوتها، وضعفها، ورتبوها على أربعة مراتب كما هو الشأن عند ابن أبي حاتم، وابن الصلاح، أو خمس مراتب كما هي عند الذهبي في مقدمة الميزان، والعراقي هنا في ألفيته، أو ست مراتب كما هو صنيع الحافظ ابن حجر في تقريبه، ومثله تلاميذه السخاوي، والسيوطي، ومن جاء بعدهم، هذه المراتب كل مرتبة فيها ألفاظ تناسبها، وتلاحظون التدرج، التدرج في هذه المراتب، أول ما جعلت المراتب أربع، ثم زيد فيها خامسة، ثم زيد سادسة، والمسألة اصطلاح، ولو جاء شخص، وجعلها عشراً ما يلام على ذلك؛ لأن النظر في هذه الألفاظ، وهذه الجمل حسب قوتها، وضعفها إنما يتم، ويكمل إذا استطعنا جمع جميع هذه الألفاظ، والحافظ ابن حجر جمع بعض الألفاظ الزائدة، وزاد المراتب إلى ست، والسخاوي زاد عليه بعض الألفاظ، لكن المراتب عنده ست، ولو فصلت لجاءت سبعاً، وقل مثل هذا عند السيوطي، ولو تتبعت هذه الألفاظ جميعها من كتب الرجال، من التواريخ تواريخ ابن معين، وسؤالات الإمام أحمد، وتواريخ الإمام البخاري، والجرح والتعديل، والضعفاء والمجروحين، والثقات، وغيرها من الكتب، وتواريخ البلدان، وفيها أشياء كثيرة من هذا النوع؛ لكثر عدد الألفاظ والجمل، وتبعاً لذلك تكثر المراتب؛ لأن لبعض الألفاظ من الدلالة ما ليس لغيره، لبعض الألفاظ من الدلالات ما ليس لغيره، وأنتم تلاحظون ألفاظ المدح والذم الموجودة الآن المستعملة، يبتكر ألفاظ لم تكن موجودة، ودلالتها على المدح ظاهرة، أو دلالتها على الذم ظاهرة، ثم بعد ذلك هذه الألفاظ المبتكرة الجديدة تختلف؛ لأن بعض الناس يبالغ في المدح، وبعضهم يبالغ في الذم، وبعضهم يتوسط، وبعضهم يأت بما لم يأت به من قبله، ودلالة لفظه قد تكون أقوى من دلالة من تقدم، وتبعاً لهذه القوة، وهذا الضعف تتفاوت هذه المراتب، قد يقول قائل: ماذا للمتأخر من هذا العمل؟ هل للمتأخر أن يجتهد في مثل هذا؟ يعني هل لأحد أن يأتي فيجعل المراتب عشراً، مراتب التعديل عشراً، أو مراتب الجرح عشراً؟ نقول: إذا كان ذلك تبعاً لتفاوت ما جمعه من الألفاظ، بحيث جمع من كتب الرجال ما لم يجمعه غيره له