للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما يمكن، ما يمكن؛ لأنه إن اجتهد في توثيق كل راوٍ بعينه، خلونا نبدأ من الدرجة الأولى، كل الرواة يريد أن يكون له رأي في كل راوي من الرواة، هذه مرتبة درجة أولى من مراتب الاجتهاد، من أجل إيش؟ أن يكون له حكم في كل حديثٍ حديث من الأحاديث، كم عدد الرواة؟ وهل يستطيع أن يجتهد في كل راوٍ راو من الرواة؟ ما يمكن، لا بد أن يقف عند بعض الرواة الذين لا يتحرر له القول في حكمه، ثم إذا جمع من الرواة، لو تصورنا خمسين ألف راوي، وجمع جميع ما قيل فيهم، ووازن بين هذه الأقوال على ضوء الضوابط التي وضعها أهل العلم، ثم خرج بالنتيجة التي يستقل بها، لا يُقلد فيها أحد في هؤلاء الرواة كلهم، ثم المرحلة الثانية جاء إلى الأحاديث بأسانيدها، ونزل حكم كل راوٍ ممن اجتهد فيهم على هذه الأسانيد، ونظر فيها النظر الثاني، وهو الاتصال، والانقطاع، ونظر في المتون من حيث المخالفة، والموافقة، والشذوذ، والنكارة، والإعلال، في كل حديث حديث، ثم خرج برأي يستقل به في جميع الأحاديث، هذا على سبيل التنزل، وإلا هذا يمكن، وإلا غير ممكن؟ لا يمكن؛ لأنه لو افترضنا كتاباً واحداً، سنن البيهقي، يمسك سنن البيهقي بمتونه، وأسانيده، ويتكلم على كل جزئيه برأيه المستقل الذي لا يقلد فيه أحداً، هذا ما يكفيه عمره، ما يكفيه عمره، فنزلنا هذه الأقوال التي استقل بها، وأداه إليه اجتهاده لقوله المستقل في كل راو من الرواة، ثم نزل هؤلاء الرواة على هذه الأحاديث، وخرج بنتائج يستقل بها في أحكامه على جميع الأحاديث، هذا إذا تصورنا إمكان الإحاطة، ثم يعود إلى هذه الأحاديث مرة ثانية ليتفقه فيها، ويستنبط منها، ويستخرج أحكام لم يسبق إليها، أو سبق إليها، ووافق، أو خالف، لا يعني أن يخالف إذا كان مجتهداً، لا يلزمه المخالفة، قد يوافق وهو مجتهد، لا يقال إنه إذا وافق حكمه حكم غيره صار مقلداً له، وقد نظر على جهة الاستقلال في الحديث، ثم وافق غيره، هذا ليس بمقلد، كم يحتاج من العمر إلى أن يدرس –مثلاً- خمسين ألف حديث بهذه الطريقة؟ لأن بعض الناس ينادي بالاجتهاد المطلق، وأن تقليد الرجال مذموم، ولا تقلد في أي باب من أبواب الدين، هذا ليس بصحيح، حتى شيخ الإسلام -رحمه الله- مع