للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكرنا في مناسبات كثيرة أن طريقة المشارقة أنهم لا يجعلون للقرآن وقتاً مستقلاً، وإنما يتعلمونه مع بقية العلوم، فتجد الطالب في بداية الطلب يحفظ المفصل مثلاً، مع كتب المبتدئين، كتب الطبقة الأولى، ثم يترقى إلى حفظ قدر ثاني من القرآن، مع كتب الطبقة الثانية، ثم هكذا يترقى، وأما طريقة المغاربة فهم يخصصون أول الوقت لحفظ القرآن، ولا يدخلون معه غيره، يتفرغون لحفظ القرآن ولا يتعلمون من العلم شيئاً حتى إذا ضمنوا حفظ القرآن تعلموا العلوم الأخرى، ولا شك أن مثل هذا يضمن للطالب حفظ القرآن، يضمن له حفظ القرآن، والحفظ في الصغر لا شك أنه أضمن، وأبقى، أبقى في الذاكرة، فالمسألة مثل ما سمعنا، المغاربة يقولون: تبدأ بحفظ القرآن قبل أن تدخل عليه شيئاً من العلوم، والمشارقة يحفظون القرآن تدريجياً مع العلوم الأخرى، ولذا تجدون في المشارقة من لا يحفظ القرآن؛ لأنه تساهل في حفظ القرآن من أول الأمر، ثم كثرت عليه العلوم، وتزاحمت عليه المشاغل، ثم لم يستطع أن يتم حفظ القرآن، بينما المغاربة كما ذكر ذلك ابن خلدون عنهم أنهم يضمون حفظ القرآن، ثم يبدءون بالعلوم الأخرى، فإذا حصل نقص، أو انشغال يكون على حساب العلوم الأخرى، لا على حساب القرآن؛ لأن الإنسان ما يضمن المستقبل، وما يعرض له من الشواغل والصوارف، قد يبتلى بأمر لا يستطيع معه متابعة التعلم، فيكون حينئذٍ ضمن حفظ القرآن، فعلى طالب العلم أن يحرص عليه قبل كل شيء، وإذا كان ممن تقدمت به السن، والآن في المرحلة الجامعية، ووقت الطلب يفوت، وهناك دروس يمكن أن لا تعوض في المستقبل، فيحرص على حضورها، ويخصص لحفظ القرآن وقتاً، يخصص لحفظ القرآن وقتاً كافياً، ولو خصص له ما بعد صلاة الصبح إلى انتشار الشمس هذا يكفيه، بسنة واحدة ينهي القرآن، ومع ذلك يحضر الدروس في آخر النهار، ويحافظ عليها، ويكون قد جمع بين الطريقتين.