للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على كل حال هناك ما يسمى بحفظ الكتاب، ولا شك أن حفظ الصدر أولى، وهو الأصل، إن لم يتيسر، فحفظ الكتاب، وبعض الناس يمتاز بالفهم، وفي حفظه ضعف، وبعض الناس يمتاز بالحفظ، وفي فهمه ضعف، وذكرنا عن الجلالين المحلي، والسيوطي، وقلنا: إن المحلي قيل في ترجمته: أن ذهنه، وفهمه يثقب الماس، يعني عنده فهم دقيق جداً، وحفظه ضعيف جداً، فمثل هذا إذا شرح من كتاب يفيد، إذا شرح من كتاب يفيد، لكن إذا شرح من حفظه خلَّط، فهذا لا بد أن يعتمد على كتاب، وهناك الضبط الذي يسمى ضبط الكتاب، وبعض الناس -ما شاء الله- أوتي حفظاً قوياً لكن فهمه أقل، وهذا فضل الله يؤتيه من يشاء، وقل أن يجمع الله لنوادر من الناس بين الأمرين، تجد أنه لا بد أن يكون شيء على حساب شيء، ونظير ذلك أننا نوصي الطلاب بالحفظ كثيراً، وبمراجعة الشروح كثيراً، الحفظ ليكون لديه مخزون يحل معه حيثما حل، ومراجعة الشروح تولد لديه ملكة لفهم السنة، لكن كل واحد على حساب الثاني، إن انشغل بالحفظ ما تمكن من مداومة النظر في الشروح، إن أدام النظر في الشروح، وكل كتاب يحتاج إلى سنة، أو سنتين صار على حساب الحفظ، كل شيء له ضريبة، فإما أن يهتم بهذا، أو بهذا، أو يسدد، ويقارب فيحفظ ما يحتاج إلى حفظه، ويراجع ما يحتاج مراجعته، فمثل هذا الذي يقول: إن بعضهم الذي لا يحفظ القرآن من أهل الحديث نادر جداً، ونبهوا عليه في ترجمة ابن أبي شيبة لا يحفظ القرآن، فكونهم ما نبهوا إلا على هذا الحافظ الإمام في السنة يدل على أن من عداه يحفظ.