للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن خلدون ذكر في مقدمته الشهيرة أن طريقة المغاربة تختلف عن طريقة المشارقة، فالمغاربة عندهم الاهتمام بالقرآن قبل كل شيء، لا يخلط معه أي علم من العلوم حتى إذا ضمنه وأتقنه وضبطه درس العلوم الأخرى، المشارقة لا، المشارقة يختلفون يتدرجون في السن، المميز يبدأ بحفظ قصار المفصل، وصغار المتون يحفظ، فيقرأ مثلاً قصار المفصل ويحفظها، ويحفظ الأصول الثلاثة مثلاً، ويحفظ القواعد الأربع، يحفظ الأربعين، يحفظ تحفة الأطفال، يحفظ في الفنون كلها متون صغيرة تناسبه، مع حفظ قصار المفصل، ثم يكمل المفصل ويترقى إلى ما هو أكبر من الكتب المذكورة، وهكذا إلى أن يكون إكماله لحفظ القرآن مع إكماله للمتون العلمية المعدة والمرتبة لطبقات المتعلمين، طريقة المغاربة لا شك أن فيها عناية بالقرآن، وأيضاً فيها ضمان لحفظ القرآن؛ لأنه لا يمكن أن يبدأ بأي علم من العلوم حتى يحفظ القرآن، وكان هذا شرط لدخول الأزهر، يعني المرحلة الابتدائية في الأزهر يشترط لدخولها حفظ القرآن، لما حدثنا بعض الشيوخ الشيخ عبد الرزاق العفيفي -رحمه الله- قال: إن شرح الكفراوي في السنة الأولى الابتدائية في الأزهر، والقطر في الثانية، وابن عقيل في السنة الثالثة والرابعة ابتدائي، قلت له: ما الجامعة التي قبل هذا الابتدائي؟ قال: ما في جامعات ولا دراسات في حفظ القرآن، يحفظ القرآن ويجئ تأهل خلاص، إذا حفظ القرآن سهلت عليه جميع العلوم، وإذا اشترطنا هذا الشرط ضمنا حفظ القرآن، فلا يوجد بيننا ما يوجد الآن من كبار الشيوخ تجده ما حفظ القرآن، فإذا اشترطنا هذا الشرط ضمنا حفظ القرآن، وهذه فائدة عظمى لو لم يخرج المسلم إلا بهذه الفائدة، بينما يوجد وإن كان نادراً في أهل الحديث من يوجد في ترجمته أنه إمام بحر محيط في الحديث حافظ من الحفاظ الكبار قالوا: إنه لا يحفظ القرآن، وذكروا من ذلك ابن أبي شيبة، على كل حال طريقة المغاربة أقول: تضمن حفظ القرآن، لكن طريقة المشارقة تضمن العلوم الأخرى؛ لأنه قد تكون حافظته ضعيفة، فيأخذ في حفظ القرآن سنين طويلة، ثم إذا انتهى أو قد لا ينتهي قد لا يتيسر له حفظ القرآن، ثم ينقطع عن العلم، فالتدريج مطلوب مع جعل الأولية والعناية العظمى