عند المعظم عند جماهير أهل العلم، عند عامة أهل العلم أن السماع من لفظ الشيخ أعلى وجوه التحمل "كتاباً أو حفظاً" يعني سواء كان الشيخ يقرأ من كتابه، أو من حفظه؛ لأن الحفظ المشترط لصحة الرواية المعبر عنه بالضبط ينقسم إلى ضبط صدر وضبط كتاب، ولا شك أن الناس يتفاوتون في الحفظ، من تسعفه الحافظة ويستغني بها عن الكتاب هذا الأصل وهو الأفضل، لكن إذا كانت الحافظة لا تسعف لا بد من أن يعتمد على كتابه لئلا يعتمد على حفظه الضعيف فيكثر خطؤه، ويكثر وهمه، فالذي لا تسعفه حافظته في حفظ ما يسمع لا بد أن يكتب، ومنع بعض أهل التشديد من ضبط الكتاب، والرواية من الكتاب، لكنه قول لا يلتفت إليه، بل إن بعض أهل العلم رجح ضبط الكتاب على ضبط الحفظ؛ لأن الحفظ خوان.
وعلى كل حال من نعم الله -جل وعلا- على عباده وجود هذه الكتابة، الله -جل وعلا- كما تقدم في درس الأمس -درس الميمية- علم بالقلم، فالقلم منة من الله -جل وعلا- من أجل ضبط العلم، فلولا القلم لما أدرك من لا تسعفه حافظته من العلم شيئاً، فإذا عاناه بالكتابة وضبط كتابه وحفظه، ولم يخرجه من يده إلا إلى ثقة ثم روى عنه هذا من أقوى وجوه الأداء، وأما القول بأنه لا يعول إلا على الحفظ فإنه قول وصف بالتشديد، ولم يلتفت إليه أهل العلم، ثم بعد ذلك أجمعوا على الرواية من الكتاب، نعم الحفظ إذا كان يسعف فلا يعدل عنه، ولا ينبغي لطالب علم تسعفه حافظته أن يعتمد على الكتاب ويقول: أضبط، لا، يعتمد على حفظه هذا هو الأصل، ولا شك أن العلم ما حواه الصدر، الذي تجده متى طلبته، أما ما في الكتاب لو أعرت الكتاب ما استفدت، أو لو تلف الكتاب مثلاً ضاع علمك، لكن وجود الكتب من نعم الله -جل وعلا- لا سيما على أولئك الذين لا تسعفهم الحافظة، وليس بعيب أن يحدث الشيخ من كتابه أبداً، فكبار الأئمة الحفاظ الكبار يحدثون من كتبهم؛ لأن ضبط الكتاب أحفظ وأضبط "كتاباً أو حفظاً" سيان، وقل إذا تحملت الحديث بطريق السماع من لفظ الشيخ "قل: حدثنا" يعني كيف تؤدي صيغة الأداء إذا تحملت بطريق السماع؟