جوزوا أخبرنا لمن روى بطريق العرض، ولم يجوزا حدثنا إلا لمن روى بطريق السماع للفرق بينهما، وهذا مجرد اصطلاح، وإلا فمن حيث اللغة لا فرق بينهما، إنما هو اصطلاح جروا عليه، وابن جريج عبد الملك بن عبد العزيز، وكذا الأوزاعي أبو عمرو عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، وابن معين مع ابن وهب عبد الله بن وهب المصري، والإمام الشافعي ومسلم صاحب الصحيح، الإمام البخاري لا يفرق بين حدثنا وأخبرنا، ومسلم يفرق صاحب الصحيح،
. . . . . . . . . وجل أهل الشرقِ ... قد جوزا أخبرنا للفرقِ
فيجوزون إطلاق أخبرنا دون تقييد، ولا يجوزون حدثنا للفرق بينهما، إذاً ما الفرق بينهما؟ قلنا: إنه من حيث الأصل في اللغة لا فرق، من حدثك فقد أخبرك إلا أنه هناك فرق من حيث العموم والخصوص، فالإخبار أعم وأوسع من التحديث؛ لأن الإخبار يحصل بالمشافهة، الإخبار يحصل بالمكاتبة، الإخبار يحصل بالإشارة المفهمة، والتحديث لا يحصل إلا بالمشافهة، وقلنا بالأمس: إن من قال لعبيده: من حدثني بكذا فهو حر أنه لا يعتق إلا إذا شافهه بما أراد، وإذا قال: من أخبرني بكذا فهو حر أنه يعتق إذا شافهه، ويعتق إذا كتب له، ويعتق إذا أشار له بإشارة مفهمة، فهناك فرق من حيث العموم والخصوص، التحديث أخص، لكن من حيث الإجمال فيما يفيده التحديث والإخبار لا شك أنه من حيث التفريق بينهما من حيث اللغة فيه عسر، في صعوبة إلا أنه مجرد اصطلاح؛ ليخصوا كل طريق من طرق التحمل بصيغة مناسبة، فجعلوا التحديث خاص بالسماع من لفظ الشيخ، وجعلوا الإخبار خاص بمن قرأ على الشيخ أو قرئ الشيخ وهو يسمع.
وابن جريج وكذا الأوزاعي ... مع ابن وهب والإمام الشافعي
ومسلم وجل أهل الشرقِ ... قد جوّزوا أخبرنا للفرقِ
يعني جوزوا إطلاق أخبرنا دون إطلاق حدثنا؛ للفرق بينهما، الذي ذكرناه.
"وقد عزاه" يعني الفرق بينهما "وقد عزاه" الضمير يعود إلى الفرق المذكور في أخر البيت السابق "وقد عزاه محمد بن الحسن التميمي الجوهري صاحب: الإنصاف فيما بين الأئمة في حدثنا وأنبأنا من الاختلاف، كتاب اسمه: الإنصاف فيما بين حدثنا وأنبأنا يعني ما بين صيغ الأداء من الاختلاف.
وقد عزاه صاحب الإنصافِ ... للنسئي. . . . . . . . .