يقول قائل: إنه ما دام هذا شأنهم يذكرونه في كتبهم الأصولية، لكن من له عناية بالحديث أن يدخل أقوالهم مع أن أقوال أئمة هذا الشأن تغني عن أقوالهم، ولسنا بحاجة إلى أقوالهم، نقول: علوم الحديث ما معوله على النقل المحض، وهذا لا مدخل فيه لا للجويني ولا للرازي ولا للغزالي ولا لغيرهم منها ولا للآمدي، نعم، يعني ما معوله على النقل المحض هؤلاء لا قيمة لأقوالهم فيه؛ لأنهم بضاعتهم مزجاة، وعليهم ملاحظات في العمل والاعتقاد، وفي كثير من الأمور، يعني الآمدي في ترجمته أمور، وإن كان بعضها لا يثبت، مما قيل عنه: إنه لا يعتني بالصلاة مثلاً، وأن الطلاب وضعوا على رجله حبر، وجاءوا بعد أيام ووجدوه كما هو، فدل على أنه لم يتوضأ، لكن هذه الدعوى نفاها كثير ممن ترجم له، المقصود أنه إذا كانت المسألة نقلية محضة فلا علاقة لهؤلاء بها، وإذا كانت المسألة مما يدخلها الرأي والنظر فتذكر أقوالهم؛ لأنهم من أهل النظر، ومن مسائل هذا الفن ما يدخله النظر، وإلا لقلنا: جميع من يأتي بعد المتقدمين لا علاقة له بهذا الفن، لكن كم أتى من المتأخرين وحرر بعض المسائل في هذا الفن، وما زالوا يتتابعون على هذا إلى وقتنا هذا، فدل على أن بعض المسائل لها نصيب وحظ من النظر، يعني المسألة التي ذكرناها بالأمس يعزو ابن الصلاة إلى الإمام أحمد ويعقوب بن شيبة أنهما يفرقان بين السند المعنعن والمأنن، يفرقان بين السند المعنعن والمأنن، فيحملان المعنعن على الاتصال والمؤنن على الانقطاع، هل ابن الصلاح اعتمد في ذلك على نقل عنهم من لفظهم أو استنباط؟ استنباط من أحكامهم، وأكثر المسائل التي تدرس إنما هي استنباط من أحكام الأئمة، وذكرنا المثال بالأمس قصة عمار، يعني حينما قال: عن محمد بن الحنفية عن عمار أن النبي -عليه الصلاة والسلام- مر به، والرواية الأخرى عن محمد بن الحنفية أن عماراً مر به النبي -صلى الله عليه وسلم-، قالوا: عن عمار هذه متصلة، وأن عماراً هذه منقطعة، والسبب اختلاف الصيغة، هذا فهم ابن الصلاح، ولذا قال الحافظ العراقي فيما تقدم: