قطع بالمنع مطلقاً أبو الفتح "سليم الرازي" الشافعي، من أئمة الشافعية "ثم -بعده الشيخ- أبو إسحاقٍ" بالصرف للضرورة "الشيرازي" هذان وافقا بعض الظاهرية في المنع، وهو لائق بمذهب هؤلاء الذين لا يعملون إلا بالمنطوق، وأما ما يفهم من الأحوال والقرائن ما يعملون بها؛ لأن مذهبهم مذهب الظاهر، لا بد أن ينطق يقول: نعم، لكن ماذا عن البعض الآخر من أولي الظاهر؟ وافقوا المعظم في تجويز الرواية بالعرض من غير تصريح بـ (نعم)"وقطع ... به أبو الفتح" يعني بالمنع مطلقاً "سُليم الرازي" ثم بعده الشيخ أبو إسحاق الشيرازي.
وكذا أبو نصر ابن الصباغ، وقال: إنه يعمل به، أي بالمروي، يعمل به، كيف يعمل به؟ يعمل بالمروي، والتفريق بين العمل والرواية قول معروف عند أهل العلم، كما سيأتي في الإجازة والمناولة أنها يُعمل بها ولا يروى بها، فكان هذا من هذا النوع، الآن المعظم من أهل الحديث ومن الفقهاء يرون الرواية على هذه الصورة، ويعارضهم بعض أولي الظاهر، وجمع من أهل العلم لا يعتدون بقول أهل الظاهر، ونص النووي في شرحه على صحيح مسلم، في الجزء الرابع عشر صفحة (٢٩) بأنه لا يعتد بقول داود؛ لأنه لا يرى القياس الذي هو أحد أركان الاجتهاد، وخالفه آخرون وقالوا: إن أهل الظاهر لهم عناية بالنصوص عناية فائقة تفوق كثير من المتفقه، تفوق عناية كثير من المتفقه، فلماذا لا يعتد بقولهم؟ ولكل وجه؛ لأن بعض المسائل معولها على نص، فهؤلاء لا شك أن أهل الظاهر من أهل العناية بالنص فيقبل قولهم، وأما إذا كان مستند المسألة على اجتهاد أو قياس فإن أهل الظاهر لا مدخل لهم في مثل هذا، وكذا أبو نصر وابن الصباغ، ولكنه قال: إنه يعمل به أي بالمروي وإن لم تصح الرواية به؛ لأن التفريق بين المروي والرواية، العمل بالمروي ونقله كرواية متصلة منك إلى المحدث من يروي هذا فيه فرق، أنت الآن تعمل بحديث تجده في الكتب، إذا صح، وجدت حديث في صحيح البخاري تعمل به، لكن ترويه؟ ما ترويه إلا إذا كان لك به إسناد، وتقدم قول ابن خير.