المصنفين كالبيهقي مثلاً يروي أحاديث عن طريق أصحاب الكتب، وقد يروي أحاديث بسنده المستقل؛ لأنه إمام مسند، ما رواه على جهة الاستقلال، هذا يدرس، يدرس شيخه، يدرس شيخ شيخه إلى أخر السند، لكن ما رواه في أثناء الطريق إمام مصنف نرجع إلى الأصل وندرس إسناد أبي داود أو إسناد الترمذي، أو إسناد ابن ماجه، أو إسناد الكتب المصنفة المتداولة، بعد أنه نتأكد أن هذا الحديث موجود في الأصل، فنرجع إلى دراسة هذا الحديث في الأصل؛ لأن المؤلف قد يعتمد على رواية ليست هي المتداولة بين أيدينا، فلا نجد الحديث في سنن أبي داود؛ لأننا اعتمدنا رواية اللؤلؤي، وهو اعتمد رواية ابن داسه مثلاً، أو رواية ابن العبد، أو أورد الحديث من طريق البخاري، فبحثنا عنه ما وجدناه في صحيح البخاري؛ لأنه اعتمد رواية حماد بن شاكر، ونحن اعتمدنا على رواية أبي ذر، ومع ذلك إذا رواه عن طريق حماد بن شاكر عرفنا أنه في رواية حماد بن شاكر هل نبحث عن هذه الرواية لنتأكد؟ أو نثق بهذا الإمام البيهقي ونقول: خلاص خرجه الإمام البخاري وهو موجود في رواية حماد مما زاده عن رواية ... ؟ مع أن رواية حماد الغالب فيها النقص ليس فيها الزيادة، يعني نثق بهذا الإمام، ولا نحتاج إلى أن ندرس الواسطة، يعني شدد كما تقدم في أوائل الألفية حينما تكلم الناظم عن نقل الحديث من الكتب المتعمدة، قال:
قلت: ولابن خير امتناعُ ... نقل سوى مرويه إجماعُ
يعني كلام ابن خير في فهرسته –الإشبيلي- يجعل طالب العلم يحرص على الإجازة، لماذا؟ لأنه قال: يمتنع أن ينقل حتى من الكتب المؤلفة تنقل حديثاً وأنت ليست لك به رواية، أو تعمل بحديث ليست لك به رواية، فيجعل الذي لا رواية له متصلة بالأئمة بالكتب يجعله لا يجوز له أن يتطاول على هذه الكتب، ولا يروي منها، ولا ينقل، ولا يعمل، حتى تكون له به رواية، لكن هذا الإجماع الذي نقله منقوض بإجماع آخر، ابن برهان نقل الإجماع على أنه يجوز لمن أراد الرواية أو النقل أو العمل أن ينقل من صحيح البخاري، ويعمل بما في صحيح البخاري ولو لم تكن له به رواية، وهذا محل إجماع.