أما بعد: فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في القسم الخامس من أقسام التحمل: الأول: السماع من لفظ الشيخ، والثاني: القراءة على الشيخ، والثالث: الإجازة، والرابعة: المناولة، والقسم الخامس: المكاتبة من أقسام التحمل، والمكاتبة مثل ما ذكرنا في المناولة، الأصل فيها المفاعلة من طرفين، فيكتب الطالب للشيخ بأن يكتب له شيئاً من حديثه إما معيناً يكتب له حديث كذا، أو ما شاء من حديثه، ثم يكتب له الشيخ رداً لما طلب، فهذه مفاعلة من الطرفين، وقد يكتب الشيخ ابتداءً من غير طلب للطالب فتسمى كتابة، ولذلك العنوان المكاتبة، ثم قال المؤلف:"ثم الكتابة" المكاتبة بين الطرفين، والكتابة من طرف واحد على أنه قد تأتي المفاعلة من طرف واحد، مثل ما ذكرنا في المناولة، المكاتبة يعني من الشيخ إلى الطالب، ويدخل في هذه الترجمة الصفة التي يؤدي بها، أو الصيغة التي يؤدي بها "ثم الكتابة" يقول الناظم: "ثم الكتابة" يعني من الشيخ بشيء من مرويه، ثم يرسله إلى الطالب مع ثقة مؤتمن بعد تحريره بنفسه، أو بثقة، أو بثقة معتمد، وشده شد الكتاب، وشد الكتاب يعني إغلاقه وإحكامه، فإما أن يتولى الكتابة بنفسه، أو يأمر ثقة يكتب من إملائه، ثم بعد ذلك يوثق الكتاب، ويشده، ويخدمه لألا يتطرق إليه الخلل والتزوير، وإذا كان الشيخ لا يكتب، فلا بد أن يكون الكاتب ثقة؛ لأن بعض الكتاب طُعن فيه، فعندك من الكتاب الذين وصفوا بذلك ورَّاد كاتب المغيرة، وعبد الله بن صالح كاتب الليث، وغيرهما من الكتاب، فمنهم من هو ثقة يعتمد عليه، ومنهم من لا يعتمد عليه فيجرح الخبر به، وإن كان الشيخ ثقةً، لاسيما إذا كان يعتمد عليه، فإن كان الشيخ أكمه، أعمى؛ فالمعول على الكاتب، وإن كان الشيخ مبصراً، وكاتباً –أيضاً- ولو أمر غيره بالكتابة، فقد يقرأه بعد كتابته، ولذا تجدون الشيوخ الذين يملون كتبهم، ورسائلهم، أو فتاويهم، وتعليقاتهم يطلبون من الكاتب إما أن يقرأها بنفسه، الشيخ يأخذ الكتاب، ويقرأ بنفسه إن كان مبصراً، قارئاً، أو يطلب منه إعادة ما كتب، اقرأ ما كتبت، ثم يقرأه، قد يطلب منه الإعادة ثانية، على كل حال لابد أن يكون الكاتب ثقة، ومع ذلك يُشَد الكتاب، ويختم لألا يتطرق إليه