للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الناس يتفاوتون في هذه الحافظة، والإنسان في مراحل عمره تتفاوت عنده هذه الحافظة، قد تزداد، وقد تنقص؛ لأنها ملكة أصلها غريزي ثابت، وتقبل التنمية، والزيادة بالمعاناة، فقد يكون الإنسان في أول أمره ضعيف في الملكة الغريزية الأصلية، ثم يعاني الحفظ، ويكثر منه فتزاد عنده، وتنشط عنده هذه الملكة، كما أن الصفات كذلك، العلم بالتعلم، والحلم بالتحلم، وغيرها، يعني منها ما هو غريزي، ومنها ما هو مكتسب، تنمو هذه الملكة بالتنمية، والمعاناة، وقد تضعف بالإهمال، تضعف بالإهمال، وهذا واقع، في مراحل العمر لا شك أن الصغر مع فراغ البال عن المشاغل في الغالب أقوى في الحفظ، ولذا يقولون: التعلم في الصغر كالنقش في الحجر في الغالب؛ لأن الفهم وهو مرحلة تلي هذه المرحلة يعين على الحفظ، فالمرحلة الأولى اللي هي مرحلة الصبا والطفولة ينبغي أن تستغل بالحفظ، ولو لم يفهم، يفهم فيما بعد، وهذا مر بنا، ومر بغيرنا، يعني في المرحلة الابتدائية حفظنا أشياء ما ندري ويش معناها؟ لكن عرفناها فيما بعد، وكذلك في المرحلة المتوسطة، كنا ندرس المتون كالألغاز، ومع ذلك في النهاية صارت موجودة، وفهمناها فيما بعد، هذا لا يضر، يعني الدعوات التي تدعو إلى أن الطفل لا يعلم إلا ما يفهم، هذه ليست بصحيحة، هذا تضييع لعمره من غير فائدة؛ لأن الفهم عنده ضعيف، فانتظار الفهم بالحفظ هذا تضييع للوقت، ونسمع الآن، ورأينا فلتات يعني يأتي صبي في الخامسة في السادسة يحفظ، يعني صبية في الرابعة سمعنا منها سلم الوصول للشيخ حافظ الحكمي، حفظ، لا تقرأ، ولا تكتب، ما تعرف الحروف، لكن لقنت فتلقنت، فمثل هذا السن ينبغي أن يستغل بالحفظ، إذا تقدمت به السن لا شك أن الفهم يقوى عنده، فإذا قلَّت مشاغله، واستغل الحفظ مع الفهم اجتمع عنده أركان التحصيل، مع النية الصالحة، ثم بعد ذلك تأتي العوارض، والعوائق، يتزوج، تناط به أعمال، ويكلف من قبل أهله، ومجتمعه بتكاليف لا شك أنها تعوقه، تضعف عنده الحفظ لوجود المعارض، أولاً: العلم وجد قلباً خاوياً، فتمكن، لكنه الآن وجد محلاً مشغولاً بأمور أخرى، وحينئذٍ يضعف، يضعف في هذا السن لوجود المعارض، وأما الضعف الملاحظ فيكون في المراحل الأخيرة