الأداء كيف يؤدي؟ الرواية لها شروط، الراوي اشترطوا فيه شروط تقدم تفصيلها، وهذه الشروط يطلبونها حال الأداء، أما حال التحمل لا يشترطون الشروط، بل صححوا تحمل الكافر، وتحمل الفاسق، وتحمل الصبي، في حال الأداء، حال التحمل، وأما بالنسبة للأداء فلا بد من توافر الشروط التي يجمعها العدالة والضبط، كيف يؤدي من تحمل الحديث؟ الأصل في الرواية السماع والحفظ، لكن بعد أن أجمع على جواز الكتابة صارت الرواية من الكتاب جائزة عند جمهور أهل العلم، والمنع من الرواية من الكتاب رواية أهل التشديد، كما قال ابن الصلاح وغيره، ولذا جعلوا الضبط نوعين: ضبط صدر وهو الأصل، وضبط كتاب، إذا لم يحفظ فإنه يؤدي من كتابه، وروايته صحيحة إلا ما نُقل عن أبي حنيفة ومالك على ما سيأتي، لا شك أن الحفظ هو الأصل، والذي لا يحفظ تقدم الكلام عن الحفظ والاعتماد على الكتب، لكن إذا خشي من حفظه أن يخونه في وقت الحاجة فلا بد من الكتاب.
علي بن المديني -رحمه الله- وهو من أئمة هذا الشأن لما قدم سامراء وضعوه على منبر، وهو من الأئمة الحفاظ الكبار، كما هو معروف من أئمة العلل، لما وضعوه على المنبر قال: لا يليق بمن يوضع في هذا المقام أن يحدث من كتاب، فحدث من حفظه فغلط في أول حديث، لذا نجد من يعيب على بعض الشيوخ أنه يعتمد على الكتاب أثناء الشرح لا وجه له، نعم إذا وجد حفظ متين لا يتزلزل ولا يتأثر بالصوارف هذا هو الأصل، لكن إذا خشي؛ لأن بعض الناس لو بيحرك الباب ضاع حفظه، صحيح، بعض الناس لو يسمع أدنى شيء يؤثر عليه، ومن الرواة من ذكر في ترجمته نهق حمار فاختلط، خلاص صار لا يميز، اختلط ما هو اختلط فيما بين يديه، اختلط انتهى، يعني الضبط كله ارتفع، وبعضهم سرق له مبلغ من المال فاختلط، وهذا مما يؤكد العناية بالكتاب، مع أن الحفظ هو الأصل، وإذا كانت الحافظة تسعف ولا تتأثر بالمؤثرات فلا يحسن لمثل هذا أن يعتمد على كتاب.
قال:
وليروِ من كتابه وإن عري ... من حفظه. . . . . . . . .
إن عري من الحفظ يعني ما يحفظ شيء، إلا ما دونه في هذا الكتاب يروي من كتابه؛ لأن ضبط الكتاب أحد نوعي الضبط.
. . . . . . . . . وإن عري ... من حفظه فجائز للأكثرِ