إذا نقلنا عن كتاب، يعني لو مثلاً ونحن نشرح قلت: قال السخاوي كذا في معنى البيت، هل يلزم من هذا أن أنقل قول السخاوي بحروفه؟ أو نقول: إذا جازت الرواية بالمعنى في الحديث فلئن تجوز في كلام الناس من باب أولى، يعني إذا كان كلام السخاوي بين يدي وأريد أن أنقل كلامه في الدرس أو في مصنف آخر واللفظ متيسر لا يجوز أن أغير، لكن أنت افترض أنك في غير بلدك وبعيد عن كتبك وأردت أن تشرح متن من المتون وأنت تستحضر أقوال أهل العلم فيها، تقول مثلاً: قال ابن حجر في فتح الباري كذا، فإذا طبقنا ما نقلت إلى ما في الأصل يختلف، لكن المعنى واحد، الفكرة واحدة، وأنت عبرت عنها، هذا صنيع جمهور أهل العلم، يعني لو طبقنا النقول التي في فتح الباري على ما في الأصول المعزو إليها وجدت هناك فرق كبير من حيث الألفاظ، لكن المعنى واحد، الفكرة واحدة، الإشكال في التعبير عنه، وهذا في كلام أهل العلم بكثرة، يعني كونهم لا يتقيدون بالألفاظ، الآن الباحثون يتصرفون، لكن يذكرون أن هذا من الكتاب الفلاني بتصرف.
طالب: ما عهد عند أئمة السلف أنهم يقولون: بتصرف؟
ما يقولون شيئاً، ولا يقولون مثل هنا الذي عندنا إلا نادراً؛ لأنه قال:
وليقل الراوي: بمعنىً أو كما ... قال. . . . . . . . .
يعني إذا نقلت بالمعنى، رويت بالمعنى تقول: بالمعنى، أو "كما قال"، في سنن أبي داود كثيراً ما يقول:"حدثنا فلان ابن فلان المعنى"، أو "حدثنا فلان وفلان المعنى"، تقديره: المعنى واحد، هنا قال الناظم -رحمه الله تعالى-: "وليقل الراوي -يعني الذي يروي بالمعنى- بمعنىً" على شأن يخرج من العهدة، "أو كما قال" يعني إذا روى حديثاً يشك في لفظه هل هو مما ضبطه وأتقنه، أو زاد فيه ونقص شيئاً لا يؤثر بالمعنى يقول:"أو كما قال"، وهذه درج عليها كثير من أهل العلم، لكن وجودها في كلام السلف نادر، لكن الحاجة داعية إليها في رواية الخلف أكثر منها في رواية السلف؛ لأن رواية الخلف الضبط عندهم قل، والتصرف كثر، يعني ما تجد إنسان يستحضر النصوص، نادر هذا، ولذلك تجده مثل ما يقول العوام:"تخمط الجيلاني" مرة يقرب، ومرة يبعد، ومرة، فيحتاج إلى مثل هذا لينبه السامع إلى أن هذا ليس هو اللفظ الأصلي.