للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أربعة أقوال، فامنع يعني مطلقاً، اذكر الحديث بكماله ولا تختصر منه شيئاً، أو أجز، أو إن أٌتم يعني مرة رواه تاماً ومرة رواه ناقصاً؛ لأن روايته للحديث لا سيما إذا كان الحديث لا يوجد عند غيره يتعين عليه أداءه كاملاً، فإذا رواه كاملاً ثم أراد أن يرويه ناقصاً جاز، بالشرط المذكور عندهم، أو لعالم، يعني لا يجوز هذا إلا لعالم؛ لأنه هو الذي يعرف بما يتأثر وبما لا يتأثر.

القرآن قد تأتي الآية طويلة، وأنت بحاجة إلى أن تستدل بها، هل تسوق الآية كاملة أو تسوق موضع الشاهد؟ إذا أنت تتحدث عن الأمانة وقلت: قال الله تعالى: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [(٥٨) سورة النساء] هل يلزم أن تكمل الآية؟ وإذا تحدثت عن الحكم وعن العدل {وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ} [(٥٨) سورة النساء] هل يلزمك أن تتحدث تأتي بأول الآية أو آخره؟ لا يلزم، والحديث في هذا من باب أولى، ولذا تجد الحديث مطول في كتاب، وتجده مختصر في كتاب آخر، تجده مطول في كتاب وتجده مختصراً في موضع آخر من الكتاب نفسه، وصحيفة همام بن منبه في مسند الإمام أحمد مشتملة على مائة وثلاثين جملة، قطعها البخاري، قطع ما يحتاج منها في مواضع كثيرة من صحيحة، وكذلك مسلم، ما التزموا أن يذكروا الصحيفة كاملة، وهذا كثير عند أهل العلم، وسيأتي في قوله في الباب الأخير:

أما إذا قطع في الأبوابِ ... . . . . . . . . .

"وحذف بعض المتن فامنع"، لكن "أو أجز" يعني منهم من منع مطلقاً هذا القول الأول، والثاني: منهم من أجاز، لكن ما يتصور أن منهم من يجيز مطلقاً، بل لا بد أن يكون المحذوف لا يؤثر في المذكور، يعني إذا كان استثناء؟ يؤثر، إذا كان وصف له تأثيره بحيث يخرج ما عداه، فإن هذا لا يجوز البتة.

"فامنع أو أجز ... أو إن أُتم" يعني مرة رواه تاماً وبرئت عهدته منه، ثم رواه ناقصاً، اقتصر على بعضه وحذف البعض، لا سيما إذا رواه عند من سمعه منه تاماً، "أو لعالم"، يعني العالم الذي يميز ما يحذف وما لا يحذف يجوز له هذا، وهو القول الرابع.