للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكون علة، ولا يعيش بدون القوة والغذاء الذي يحفظها، فهذا مثل المأمورات والمنهيات.

الخامس: أن الذنوب كلها ترجع إلى هذين الأصلين: ترك المأمور وفعل المحظور، ولو فعل العبد المحظور كله من أوله إلى آخره حتى أتى من مأمورات الإيمان بأدنى أدنى مثقال ذرة منه نجا بذلك من الخلود في النار، ولو ترك كل محظور ولم يأت بمأمور الإيمان لكان مخلدًا في السعير.

فأين شيء مثاقيل الذرّ منه تُخرِج من النار، إلى شيء وزن الجبال منه أضعافًا مضاعفة لا تقتضي الخلود في النار مع وجود ذلك المأمور أو أدنى شيء منه؟!

السادس: أن جميع المحظورات من أولها إلى آخرها تسقط بمأمور التوبة، ولا تَسقط المأموراتُ كلُها بمعصيةِ المخالفة إلا بالشرك أو الموافاة (١) عليه. ولا خلاف بين الأمة أن كل محظور يسقط بالتوبة، واختلفوا هل تسقط الطاعة بالمعصية؟ وفي المسألة نزاع وتفصيل ليس هذا موضعه (٢).

السابع: أن ذنب الأب كان بفعل المحظور، فكان عاقبته: أن اجتباه


(١) في (م) و (ن): "الوفاة".
(٢) ذكر ابن القيم المسألة بنوع تفصيل في "الوابل الصيب" ص ٢٣ - ٢٥، واستظهر أن الحسنات والسيئات تتدافع وتتقابل ويكون الحكم فيها للغالب، وهو يقهر المغلوب، ويكون الحكم له.
وفي "مدارج السالكين" (١/ ٢٧٧ - ٢٧٩) فضل أكثر وذكر أن الاعتبار للراجح، فيكون التأثير والعمل له دون المرجوح.

<<  <  ج: ص:  >  >>