للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمران فيحبه الرب تعالى من وجه، ويبغضه من وجه.

أما إذا ترك المأمور به جملة فإنه لم يقم به ما يحبه الرب عليه، فإنَّ مجرد ترك المنهي لا يكون طاعة إلا باقترانه بالمأمور كما تقدم (١)، فلا يحبه على مجرد الترك، وهو سبحانه يكرهه ويبغضه على مخالفة الأمر، فصار مبغوضًا للرب تعالى من كل وجه، إذ ليس فيه ما يحبه الرب عليه، فتأمله.

يوضحه:

التاسع عشر: وهو أن اللَّه سبحانه لم يعلق محبته إلا بأمر وجودي أمر به إيجابًا أو استحبابًا، ولم يعلقها بالترك من حيث هو ولا في موضع واحد، فإنه يحب التوابين، ويحب المحسنين، ويحب الشاكرين، ويحب الصابرين، ويحب المتطهرين، ويحب الذين يقاتلون في سبيله صفًّا كأنهم بنيان مرصوص، ويحب المتقين، ويحب الذاكرين، ويحب المتصدقين (٢)، فهو سبحانه إنما علق محبته بأوامره، إذ هي المقصود من الخلق والأمر، كما قال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (٥٦)[الذاريات: ٥٦]، فما خلق الخلق إلا لقيام أوامره (٣)، وما نهاهم إلا عما يصدهم عن قيام أوامره ويعوقهم عنها.

يوضحه:

العشرون: أن المنهجات لو لم تصد عن المأمورات وتمنع وقوعها


(١) في الوجه الخامس عشر.
(٢) في الأصل: "الذاكرين".
(٣) في الأصل: "أوامر".

<<  <  ج: ص:  >  >>