للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولعله في كثرة تعرضه يصادف ساعة من الساعات التي لا يسأل اللَّه فيها شيئًا إلا أعطاه، فمن أُعطي منشور الدعاء أُعطي الإجابة، فإنه لو لم يُرد إجابته لما ألهمه دعاءه، كما قيل:

لو لم ترِد نَيلَ ما أرجو وأطلبه … من جود كفك ما عوّدتَني الطَّلبا (١)

ولا يستوحش مِنْ ظاهر الحال، فإن اللَّه سبحانه يعامل عبده بمعاملة من ليس كمثله شيء في أفعاله، كما ليس كمثله شيء (٢) في صفاته، فإنه ما حَرَمه إلا ليعطيه، ولا أمرضه إلا ليشفيه، ولا أفقره إلا ليغنيه، ولا أماته إلا ليحييه، وما أخرج أبويه من الجنة إلا ليعيدهما إليها على أكمل حال، كما قيل: يا آدم لا تجزع من قولي لك: اخرُجْ منها، فلك خلقتها وسأعيدك إليها.

فالرب تعالى ينعم على عبده بابتلائه، ويعطيه بحرمانه، ويصحه بسقمه، فلا يستوحش عبده من حالة تسوؤه أصلًا إلا إذا كانت تغضبه عليه، وتبعده منه.

السابع عشر: أن يعلم بأن فيه جاذبين متضادين، ومحنته بين الجاذبين: جاذب يجذبه إلى الرفيق الأعلى من أهل عليين، وجاذب


= رقم (٧٢٠)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (٣/ ١٦٢)، والبيهقي في "شعب الإيمان" رقم (١١٢١) وغيرهم.
وروي أيضًا من مسند أبي هريرة ومحمد بن مسلمة . وحسنه الألباني مرفوعًا بمجموع طرقه وشواهده في "السلسلة الصحيحة" رقم (١٨٩٠).
(١) لم أقف عليه، وذكره ابن القيم في "مدارج السالكين" (٣/ ١٠٣).
(٢) كلمة "شيء" ساقطة من الأصل. واستدركتها من النسخ الثلاث الأخرى.

<<  <  ج: ص:  >  >>