للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجذبه إلى أسفل سافلين.

فكلما انقاد مع الجاذب الأعلى صعد درجة حتى ينتهي إلى حيث يليق به من المحل الأعلى، وكلما انقاد إلى الجاذب الأسفل نزل درجة حتى ينتهي إلى موضعه من سجين.

ومتى أراد أن يعلم هل هو مع الرفيق الأعلى أو الأسفل، فلينظر أين روحه في هذا العالم، فإنها إذا فارقت البدن تكون في الرفيق الذي كانت منجذبة إليه في الدنيا [فهو أولى بها، فالمرء مع من أحب طبعًا وعقلًا وجزاءً، وكل مهتم بشيء] (١) فهو منجذب إليه وإلى أهله بالطبع، "وكلُّ امرئ يصبو إلى ما يناسبه"، وقد قال تعالى: ﴿قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ﴾ [الإسراء: ٨٤]، فالنفوس العلوية تنجذب بذاتها وهممها وأعمالها إلى أعلى، والنفوس السافلة إلى أسفل.

الثامن عشر: أن يعلم أن تفريغ المحل شرط لنزول غيث (٢) الرحمة، وتنقيته من الدغل (٣) شرط لكمال الزرع، فمتى لم يفرغ المحل لم يصادف غيث الرحمة محلاًّ فارغا قابلًا (٤) ينزل فيه، وإن فرّغه حتى أصابه غيث الرحمة لكنه لم يُنَقّه من الدّغل لم يكن الزرع زرعًا كاملًا بل ربما غلب الدّغل على الزرع وكان الحكم له.


(١) ما بين المعقوفين ساقط من الأصل، واستدركته من النسخ الثلاث الأخرى.
(٢) ليست في الأصل، وإنما أثبتها من النسخ الأخرى، وهو مفهوم مما يأتي في كلام المصنف.
(٣) الدَّغَل: الفساد، وأصل الدّغل الشجر الملتف الكثير. انظر: "لسان العرب" (١١/ ٢٤٥ - ٢٤٤).
(٤) الكلمتان: "فارغًا قابلًا" ليستا في الأصل. أما الكلمة الأولى فهي من: (م) و (ن). وأما الكلمة الثانية، فهي من باقي النسخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>