للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والبصير الموفق يغير نظره من الأوائل إلى الأواخر، ومن المبادئ إلى العواقب، وذلك فضل اللَّه يؤتيه من يشاء، واللَّه ذو الفضل العظيم.

العشرون: أن لا يغترّ باعتقاده أن مجرد العلم بما ذكرنا كافٍ في حصول المقصود، بل لا بد أن يضيف إليه بذل الجهد في استعماله واستفراغ الوسع والطاقة فيه. وملاك ذلك الخروج عن العوائد فإنها أعداء الكمال والفلاح، فلا أفلح من استمرّ على عوائده أبدًا. ويستعين على الخروج عن العوائد بالهرب عن مظان الفتنة والبعد منها، قال النبي : "من سمع بالدجال فلينأَ عنه" (١)، فما استعين على التخلص من الشر بمثل البعد عن أسبابه ومظانّه.

وهاهنا لطيفة للشيطان لا يتخلص منها إلا حاذق، وهي: أن يظهر له في مظان الشر بعض (٢) شيء من الخير، ويدعوه إلى تحصيله، فإذا قرب منه ألقاه في الشبكة، واللَّه المستعان (٣).


(١) أخرجه أبو داود في "سننه" رقم (٤٣١٩) من حديث عمران بن حصين . وصححه الحاكم في "المستدرك" (٤/ ٥٣١) على شرط مسلم.
(٢) في الأصل: "ضد"، والتصويب من (ب).
(٣) هذا الباب الذي هو في الأسباب التي تعين على الصبر، بشقيه: تضعيف باعث الشهوة، وتقوية باعث الدين، قد اقتبسه الإمام ابن القيم من الإمام الغزالي في كتابه "إحياء علوم الدين" (٤/ ٦٥) وما بعدها. وبالطبع قد زاد الإمام ابن القيم هنا أمورًا تضرب لها أكباد الإبل.

<<  <  ج: ص:  >  >>