للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصبر (١)، ولكنه إنما يُحمد على صبره عند حدة المصيبة وحرارتها (٢).

قلت: وفي الحديث أنواع من العلم:

أحدها: وجوب الصبر على المصائب، وأنه من التقوى التي أُمر العبد بها.

الثاني: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن سُكر (٣) المصيبة وشدّتها لا يُسْقطه عن (٤) الآمر الناهي.

الثالث: تكرار الأمر مرة بعد مرة حتى يعذر الآمر إلى ربه.

الرابع: احتُج به على جواز زيارة القبور للنساء، فإنه لم يُنكر عليها الزيارةَ وإنما أمرها بالصبر، ولو كانت الزيارة حرامًا لبيّن لها حكمها، وهذا في آخر الأمر؛ فإن أبا هريرة إنما أسلم بعد السنة السابعة.

وأُجيب عن هذا بأنه قد أمرها بتقوى اللَّه والصبر، وهذا إنكار منه لحالها من الزيارة والبكاء، ويدل عليه أنها لما علمت أن الآمر لها بذلك من تجب طاعته انصرفت مسرعة.

وأيضًا فأبو هريرة لم يُخبر أنه شهد هذه القصة، فلا يدل الحديث على أنها بعد إسلامه، ولو شهدها فلعنَتُه زائرات القبور والمتخذين


(١) هكذا في الأصل و (ب): "قصاراه الصبر". وفي (م) و (ن): "مصيره إلى الصبر".
(٢) "الأمثال" لأبي عبيد ص (٢٩). وذكره أيضًا الجوهري في الصحاح (٥/ ١٩٦٥).
(٣) كذا في الأصل، وفي النسخ الأخرى: "شكوى" ولها وجه في القراءة.
(٤) الأصل: "يسقط عنه"، وبقية النسخ: "لا يسقط عنه" والمثبت من بعض المطبوعات ولعله الصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>