للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليها المساجد والسرج (١) كان بعد هذا في مرض موته.

وفي عدم تعريفه لها بنفسه شفقة منه ورحمة بها، إذ لو عرّفها بنفسه في تلك الحال التي لا تملك فيها نفسها فربما لم تسمع منه فتهلك، فكان معصيتُها له وهي لا تعلم أنه رسول اللَّه أخف من معصيتها له لو علمت به، فهذا من كمال رأفته ورحمته صلوات اللَّه وسلامه عليه.

وفي "صحيح مسلم" عن أم سلمة قالت: سمعت رسول اللَّه يقول: "ما من مسلم تصيبه مصيبة، فيقول ما أمره اللَّه: إنا للَّه وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيرًا منها، إلا أخلف اللَّه له خيرًا منها". قالت: فلما مات أبو سلمة قلت: أي المسلمين خير من أبي سلمة؛ أول بيت هاجر إلى رسول اللَّه ، ثم إني قلتها، فأخلف اللَّه لي رسول اللَّه ، فأرسل إلي رسول اللَّه حاطب بن أبي بلتعة يخطبني له، فقلت: إن لي بنتًا وأنا غيور، فقال: "أما ابنتها فأدعو اللَّه أن يغنيها عنها، وأدعو اللَّه أن يذهب بالغيرة" فتزوجت رسول اللَّه (٢).

وعند أبي داود في هذا الحديث عنها، قالت: قال رسول اللَّه : "إذا أصابت أحدكم مصيبة فليقل: إنا للَّه وإنا إليه راجعون، اللهم عندك أحتسب مصيبتي، فأْجُرْني بها، وأبدِلْني خيرًا منها"، فلما احتضر أبو سلمة قال: اللهم أخلفني في أهلي خيرًا مني. فلما قُبض قالت أم


(١) رواه أبو داود في "سننه" رقم (٣٢٣٦)، والترمذي في "جامعه" رقم (٣٢٠)، وقال: "حديث حسن"، والنسائي في "المجتبى" رقم (٢٠٤٣) من حديث ابن عباس .
(٢) "صحيح مسلم" رقم (٩١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>