للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعير، إن أُطلق لم يَدرِ لِمَ أطلق، وإن عُقل لم يَدرِ لِمَ عُقل" (١).

وذُكر عن أبي معمر الأزدي قال: "كنا إذا سمعنا من ابن مسعود شيئًا نكرهه سكتنا حتى يفسره لنا، فقال لنا ذات يوم: ألا إن السُّقم لا يُكتب له أجر. فساءنا ذلك وكبُر علينا. فقال: ولكن يُكفَّر به الخطيئة. فسرّنا ذلك وأعجبنا" (٢).

وهذا من كمال علمه وفقهه ، فإن الأجر إنما يكون على الأعمال الاختيارية وما (٣) تولّد منها، كما ذكر سبحانه النوعين في آخر سورة التوبة في قوله في المباشِر من الإنفاق وقطع الوادي: ﴿إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ﴾ [التوبة: ١٢١]، وفي المتولد من إصابة الظمأ والنصب والمخمصة في سبيله وغيظ الكفار: ﴿إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ﴾ [التوبة: ١٢٠]، فالثواب مرتبط بهذين النوعين، وأما الأسقام والمصائب فإن ثوابها تكفير الخطايا، ولهذا قال تعالى: ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ﴾ [الشورى: ٣٠].

والنبي إنما قال في المصائب: "كفّر اللَّه بها من خطاياه"، كما تقدم ذكر ألفاظه (٤). وكذا قوله: "المرضُ


(١) رواه ابن أبي الدنيا في كتاب "المرض والكفارات" رقم (١٥)، ومن طريقه البيهقي في "شعب الإيمان" رقم (٩٩١٣).
(٢) رواه ابن أبي الدنيا في كتاب "المرض والكفارات" رقم (١٦)، ورواه أيضًا الطبراني في "المعجم الكبير" رقم (٨٥٠٦)، وحسنه الهيثمي في "مجمع الزوائد" (٢/ ٣٠١).
(٣) في النسخ الثلاث: "ومما".
(٤) انظر ص ١٤٤ (حاشية ٣) وص ١٤٥ (حاشية ٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>