للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الرب تعالى ولا إسخاط له، فهو كمجرّد البكاء.

فصل

فأما قول النبي : "إن الميت يُعذَّب بالنياحة عليه"، فقد ثبت عنه من رواية عمر بن الخطاب، وابنه عبد اللَّه، والمغيرة بن شعبة، وروى نحوه عمرانُ بن حصين، وأبو موسى (١).

فاختلفت طرق الناس في ذلك:

فقالت فرقة: يتصرف اللَّه في خلقه بما شاء، وأفعال اللَّه لا تعلل، ولا فرق بين التعذيب بالنوح عليه والتعذيب بما هو منسوب إليه؛ لأن اللَّه خالق الجميع، واللَّه تعالى يؤلم الأطفال والبهائم والمجانين بغير عمل.

وقالت فرقة: هذه الأحاديث لا تصح عن رسول اللَّه ، وقد أنكرتها عائشة أم المؤمنين، واحتجت بقوله تعالى: ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ [الأنعام: ١٦٤، الإسراء: ١٥، فاطر: ١٨، الزمر: ٧].

ولما بلغها رواية عمر وابنه قالت: إنكم لتحدثون عن غير كاذبَين ولا متهمَين، ولكن السمع يُخطئ. وقالت: إنما مر النبي على قبر يهودي، فقال: "إن صاحب هذا القبر يعذب، وأهله يبكون عليه" (٢).


(١) وقد سبق تخريجه من حديث عمر وابنه والمغيرة وأبي موسى .
أما حديث عمران بن حصين فرواه النسائي في "المجتبى" رقم (١٨٤٩)، (١٨٥٤). وصححه ابن حبان حيث أورده في صحيحه برقم (٣١٣٤).
(٢) رواه البخاري في "صحيحه" رقم (١٢٨٩)، ومسلم في "صحيحه" رقم (٩٣١)، (٩٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>