للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي رواية متفق عليها عنها: إنما قال رسول اللَّه "إن اللَّه ليزيد الكافر عذابًا ببكاء أهله عليه". وقالت: حسبكم القرآن: ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ (١).

وقالت فرقة أخرى منهم المزني (٢) وغيره: أن ذلك محمول على من أوصى به إذ كانت عاداتهم ذلك، وهو كثير في أشعارهم؛ كقول طرفة:

إذا متُّ فانعيني بما أنا أهلُه … وَشُقِّي عليَّ الجيْبَ يا ابنةَ مَعْبَد (٣)

وقول لبيد:

فقوما فقولا بالذي قد عَلِمتُما … ولا تخمِشا وجهًا ولا تَحلِقا شَعر

وقولا: هو المرء الذي لا صديقه … أضاع، ولا خان الأمين ولا غدر

إلى الحول ثم اسم السلام عليكما … ومن يبكِ حولًا كاملًا فقد اعتذر (٤)

وقالت طائفة: هو محمول على من سنتُه وسنة قومه ذلك، إذا لم ينههم عنه؛ لأن ترك نهيه دليل على رضاه به، وهذا قول ابن المبارك وغيره (٥).

قال أبو البركات ابن تيمية (٦): وهو أصح الأقوال كلها، لأنه متى


(١) "صحيح البخاري" رقم (١٢٨٨)، و"صحيح مسلم" رقم (٩٢٩).
(٢) الفقيه الشافعي المعروف. وانظر قوله في: "مختصره" ص ٤٦.
(٣) البيت من معلقته، وهو في "ديوانه" ص ٤٦.
(٤) البيت في "ديوانه" ص ٢١٣.
وكلمة "اعتذر" جاءت في الأصل "أعذر"، وهو خطأ يخلّ بوزن البيت.
(٥) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (٣/ ١٨٢).
(٦) انظر لاختيار أبي البركات: "مجموع فتاوى شيخ الإسلام" (٢٤/ ٣٧٠ - =

<<  <  ج: ص:  >  >>