للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غلب على ظنه فعلهم له ولم يوصهم بتركه فقد رضي به، وصار كمن ترك النهي عن المنكر مع القدرة عليه. فأما إذا أوصاهم بتركه فخالفوه فاللَّه أكرم من أن يعذّبه بذلك، وقد حصل بذلك العمل بالآية مع إجراء الخبر على عمومه في أكثر الموارد.

وإنكار عائشة لذلك بعد رواية الثقات لا يعول عليه، فإنهم قد يحضرون ما لا تحضره، ويشهدون ما تغيب عنه، واحتمال السهو والغلط بعيد جدًّا خصوصًا في حق خمسة من أكابر الصحابة.

وقوله في اليهودي لا يمنع أن يكون قد قال ما رواه عنه هؤلاء الخمسة في أوقات أخر. ثم هي محجوجة بروايتها عنه أنه قال: "إن اللَّه يزيد الكافر عذابًا ببكاء أهله عليه" (١) فإذا لم تمتنع (٢) زيادة الكافر عذابًا بفعل غيره، مع كونه مخالفًا لظاهر الآية لم يمتنع (٣) ذلك في حق المسلم؛ لأن اللَّه سبحانه كما لا يظلم عبده المسلم لا يظلم الكافر، واللَّه أعلم.

فصل

ولا تحتاج هذه الأحاديث إلى شيء من هذه التكلُّفات، وليس فيها بحمد اللَّه إشكال ولا مخالفة لظاهر القرآن ولا لقاعدة من قواعد الشرع، ولا تتضمن عقوبة الإنسان بذنب غيره، فإن النبي لم يقل: إن الميت يعاقب ببكاء أهله عليه ونَوحِهم، وإنما قال: إنه يعذب


= ٣٧١).
(١) سبق تخريجه قريبًا.
(٢) في (ب): "يمنع".
(٣) في (ب): "يمنع".

<<  <  ج: ص:  >  >>