للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشكر، فإنه ألحق الشاكر بالصابر وشبّهه به، ورتبة المشبَّه به أعلى من رتبة المشبَّه، وهذا كقوله: "مدمن الخمر كعابد وثن" (١)، ونظائر ذلك.

قالوا: وإذا وازنا بين النصوص الواردة في الصبر والواردة (٢) في الشكر، وجدنا نصوص الصبر أضعافها، ولهذا لما كانت الصلاة والجهاد أفضل الأعمال كانت الأحاديث فيهما أكثر من الأحاديث في سائر الأبواب، فلا تجد الأحاديث النبوية في باب أكثر منها في باب الصلاة والجهاد.

قالوا: وأيضًا فالصبر يدخل في كل باب، بل في كل مسألة من مسائل الدين، ولهذا كان من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد.

قالوا: وأيضًا فاللَّه سبحانه علق على الشكر الزيادة، فقال: ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ﴾ [إبراهيم: ٧]، وعلق على الصبر الجزاء بغير حساب، فقال: ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (١٠)[الزمر: ١٠].

وأيضًا فإنه سبحانه أطلق جزاء الشاكرين فقال: ﴿وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (١٤٤)[آل عمران: ١٤٤] وقال: ﴿وَسَنَجْزِي


= وأخرجه ابن ماجه في "سننه" رقم (١٧٦٥)، من حديث سنان بن سَنّة بلفظ: "الطاعم الشاكر له مثل أجر الصائم الصابر".
(١) رواه ابن ماجه في "سننه" رقم (٣٣٧٥) من حديث أبي هريرة .
ورواه أحمد في "مسنده" (١/ ٢٧٢) من حديث عبد اللَّه بن عباس بلفظ: "مدمن الخمر إن مات لقي اللَّه كعابد وثن".
وصحح الحديث الألباني في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" برقم (٦٧٧)، بمجموع طرقه.
(٢) في الأصل: "الوارد". والتصويب من النسخ الأخرى.

<<  <  ج: ص:  >  >>