للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّاكِرِينَ (١٤٥)[آل عمران: ١٤٥] وقيد جزاء الصابرين بالإحسان، فقال: ﴿وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [النحل: ٩٦].

قالوا: وقد صح عن النبي أنه قال: "يقول اللَّه تعالى: كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي، وأنا أجزي به" (١). وفي لفظ: "كل عمل ابن آدم يضاعف، الحسنة بعشر أمثالها، قال اللَّه: إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به" (٢)، وما ذلك إلا لأنه صبر النفس ومنعها من شهواتها، كما في الحديث نفسه: "يدع شهوته وطعامه وشرابه من أجلي" (٣)، ولهذا قال النبي لمن سأله عن أفضل الأعمال: "عليك بالصوم فإنه لا عِدْلَ له" (٤).

ولما كان الصبر حبس النفس عن إجابة داعي الهوى، وكان هذا حقيقة الصوم -فإنه حبس النفس عن إجابة داعي شهوة الطعام والشراب والجماع- فُسِّرَ الصبر في قوله تعالى: ﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ﴾ [البقرة: ٤٥] إنه: الصوم (٥)، وسمِّي شهر رمضان: شهر الصبر (٦).


(١) رواه البخاري في "صحيحه" رقم (٥٩٢٧)، ومسلم في "صحيحه" رقم (١١٥١) (١٦٣). من حديث أبي هريرة .
(٢) رواه مسلم في "صحيحه" رقم (١١٥١) (١٦٤) من حديث أبي هريرة .
(٣) هذا جزء من الحديث السابق.
(٤) رواه النسائي في "المجتبى" رقم (٢٢٢٢) من حديث أبي أمامة .
وصحح الحديث ابن خزيمة حيث أورده في صحيحه برقم (١٨٩٣)، وصححه ابن حبان في صحيحه برقم (٣٤٢٦).
(٥) انظر في ذلك: "تفسير الطبري" (١/ ٢٥٩)، و"تفسير القرطبي" (١/ ٢٥٣)، و"تفسير ابن كثير" (١/ ٨٣).
(٦) جاءت تسمية شهر رمضان بشهر الصبر في عدة أحاديث منها:
- حديث الباهلي، رواه أبو داود في "سننه" رقم (٢٤٢٨)، وابن ماجه =

<<  <  ج: ص:  >  >>