للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

علم كان أقرب إفضاءً إلى العلم باللَّه وأسمائه وصفاته فهو أعلى مما دونه. وكذلك حال القلب، فكل حال كان أدنى (١) إلى المقصود الذي خُلق له فهو أشرف مما دونه. وكذلك الأعمال، فكل عمل كان أقرب إلى تحصيل هذا المقصود كان أفضل من غيره. ولهذا كانت الصلاة والجهاد من أفضل الأعمال أو أفضلها؛ لقرب إفضائها إلى هذا المقصود.

وهكذا يجب أن يكون، فإن كلما كان الشيء أقرب إلى الغاية كان أفضل من البعيد عنها، فالعمل المُعِدُّ للقلب المهيّئ له لمعرفة اللَّه وأسمائه وصفاته ومحبته وخوفه ورجائه أفضل مما ليس كذلك.

وإذا اشتركت عدة أعمال في هذا الإفضاء فأفضلها أقربها إلى هذا المقصود، ولهذا اشتركت الطاعات في هذا الإفضاء فكانت مطلوبة للَّه، واشتركت المعاصي في حجب القلب وقطعه عن هذه الغاية فكانت منهيًّا عنها، وتأثير الطاعات والمعاصي بحسب درجاتها.

فههنا أمر ينبغي التفطن له، وهو أنه قد يكون العمل المعيّن أفضل في حق شخص، وغيره أفضل منه في حق غيره، فالغني الذي له مال كثير، ونفسه لا تسمح ببذل شيء منه، فصدقته وإيثاره أفضل له من قيام الليل وصيام النهار نافلة.

والشجاع الشديد البأس الذي يهاب العدو سطوته، وقوفُه (٢) في الصف ساعةً وجهادُه أعداءَ اللَّه أفضلُ له من الحج والصوم والصدقة


(١) في النسخ الثلاث الأخرى: "أقرب".
(٢) في الأصل: "وقوته". والتصويب من النسخ الثلاث الأخرى.

<<  <  ج: ص:  >  >>