للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان بعض الخطباء يقول في خطبته: "اختطّ لك الأنف فأقامه وأتمه، فأحسن تمامه، ثم أدار منك الحدقة فجعلها بجفون مطبقة وبأشفار (١) معلّقة، ونقلك من طبقة إلى طبقة، وحنّن عليك الوالدين برقة ومِقة (٢)، فنعمه عليك مورقة، وأياديه بك محدقة" (٣).

وكان بعض العلماء يقول في قوله تعالى: ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا﴾ [إبراهيم: ٣٤]: "سبحان من لم يجعل لحد معرفة نعمه إلا المعرفة (٤) بالتقصير عن معرفتها، كما لم يجعل لحد إدراكه أكثر من العلم أنه لا يدركه، فجعل معرفة نعمه بالتقصير عن معرفتها شكرًا، كما شكر علم العالمين أنهم لا يدركونه فجعله إيمانًا، علمًا منه أن العباد لا يتجاوزن ذلك" (٥).

وقال عبد اللَّه بن المبارك: أخبرنا المثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: سمعت رسول اللَّه يقول: "خصلتان من كانتا فيه كتبه اللَّه صابرًا شاكرًا، ومن لم تكونا فيه لم يكتبه صابرًا ولا شاكرًا؛ من نظر في دينه إلى من هو فوقه فاقتدى به، ومن نظر في دنياه


= والآجري في "الشريعة" ص ٩٨ - ٩٩، والبيهقي في "شعب الإيمان" رقم (٤٥٩٦)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٥٧/ ٦٢ - ٦٣).
(١) الشُّفر حرف جَفْن العين ينبت عليه الشعر. انظر: "النهاية" لابن الأثير (٢/ ٤٨٤).
(٢) المِقةُ: المحبة. انظر: "النهاية" لابن الأثير (٤/ ٣٤٨).
(٣) رواه ابن أبي الدنيا في كتاب "الشكر" رقم (٢٠٠)، والبيهقي في "شعب الإيمان" رقم (٤٤٦٤).
(٤) في (م) و (ن): "الاعتراف". وفي (ب): "العلم".
(٥) رواه ابن أبي الدنيا في كتاب "الشكر" رقم (٢٠٢)، والبيهقي في "شعب الإيمان" رقم (٤٦٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>