للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأقل الناس دينًا وأمقتهم إلى اللَّه من ترك هذه الواجبات وإن زهد في الدنيا جميعها، وقل أن ترى منهم من يُحمّر وجهَه ويمعّره في اللَّه، ويغضب لحرماته، ويبذل عرضه في نصرة دينه، وأصحاب الكبائر أحسن حالًا عند اللَّه من هؤلاء.

وقد ذكر أبو عمر وغيره: "أن اللَّه تعالى أمر ملكًا من الملائكة أن يخسف بقرية، فقال: يا رب إن فيهم فلانًا الزاهد العابد قال: به فابدأ، وأسمعني صوته، إنه لم يتمعّر وجهه فيّ يومًا قط" (١).

فصل

وأما شهود النعمة فإنه لا يدع له رؤية حسنة من حسناته أصلًا ولو عمل أعمال الثقلين، فإن نعم اللَّه سبحانه عليه أكثر من أعماله، وأدنى نعمة من نعمه تستنفد عمله، فينبغي للعبد ألا يزال ينظر في حق اللَّه عليه.

قال الإمام أحمد: حدثنا حجاج حدثنا جرير بن حازم عن وهب قال: "بلغني أن نبيّ اللَّه موسى مرّ برجل يدعو أو يتضرع، فقال: يا رب ارحمه فإني قد رحمته. فأوحى اللَّه إليه: لو دعاني حتى تنقطع قواه ما استجبت له حتى ينظر في حقي عليه" (٢).


(١) رواه الطبراني في "الأوسط" -كما في "مجمع الزوائد" (٧/ ٢٧٠) - والبيهقي في "شعب الإيمان" رقم (٧٥٩٥)، عن جابر مرفوعًا به نحوه.
وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" رقم (٧٥٩٤)، من قول مالك بن دينار.
وأخرجه ابن أبي الدنيا في "العقوبات" رقم (١٦) عن مسعر قال: "بلغني أن ملكًا. . . " الخ.
(٢) "الزهد" للإمام أحمد رقم (٤٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>