للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن أبي الدنيا: بلغني عن بعض الحكماء قال: "لو لم يعذّب اللَّه على معصيته، لكان ينبغي أن لا يُعصى لشكر نعمته" (١).

فصل

وللَّه على عبده نوعان من الحقوق لا ينفك منهما:

أحدهما: أمره ونهيه، الذي هو محض حقه عليه.

والثاني: شكر نعمه، التي أنعم بها عليه.

فهو سبحانه يطالبه بشكر نعمه وبالقيام بأمره، فمشهد الواجب عليه لا يزال يُشهده تقصيره وتفريطه وأنه محتاج إلى عفو اللَّه ومغفرته، فإن لم يتداركه بذلك هلك.

وكلّما كان أفقه في دين اللَّه كان شهوده للواجب عليه أتمّ، وشهوده لتقصيره أعظم، وليس الدين بمجرد ترك المحرمات الظاهرة بل بالقيام مع ذلك بالأوامر المحبوبة للَّه.

وأكثر الديّانين لا يعبأون منها إلا بما يشاركهم فيه عموم الناس. وأما الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والنصيحة للَّه ورسوله وعباده ونصرة اللَّه ورسوله وكتابه ودينه فهذه الواجبات لا تخطر ببالهم، فضلًا عن أن يريدوا أفضلها، فضلًا عن أن يفعلوه.


= رقم (٢٠٧)، وعبد اللَّه بن أحمد في "زوائد الزهد" للإمام أحمد رقم (٢٨١)، والبيهقي في "شعب الإيمان" رقم (٤٤٧٣)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٦٢/ ٢٧٤).
(١) "الشكر" لابن أبي الدنيا رقم (٢٠٨). ورواه البيهقي في "شعب الإيمان" رقم (٤٥٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>