للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (١١٥) فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ (١١٦)[المؤمنون: ١١٥، ١١٦].

فنزّه سبحانه نفسه عن ذلك، كما نزّهها عن الشريك والولد والصاحبة وسائر العيوب والنقائص من السِّنة والنوم واللغوب والحاجة واكتراثه بحفظ السّماوات والأرض، وتقدم الشفعاء بين يديه بدون إذنه كما يظنه أعداؤه المشركون، وخفاء بعض أمر الخلق عليه كما يظنه أعداؤه الذين يُخرجون عن علمه جزئيات العالم أو شيئًا منها.

فكما أن كماله المقدس وكمال أسمائه وصفاته يأبى ذلك ويمنع منه، فكذلك يُبطل خلقه لعباده عبثما وتركهم سدى لا يأمرهم ولا ينهاهم ولا يردهم إليه؛ فيثيب محسنهم بإحسانه ومسيئهم بإساءته، ويعرّف المبطلين منهم أنهم كانوا كاذبين، ويشهدهم أن رسله وأتباعهم كانوا أولى بالصدق والحق منهم.

فمن أنكر [ذلك فقد أنكر] (١) إلهيته وربوبيته وملكه الحق، وذلك عين الجحود والكفر به سبحانه، كما قال المؤمن لصاحبه الذي حاوره في المعاد وأنكره: ﴿أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا (٣٧)[الكهف: ٣٧]، فأخبر أن إنكاره للمعاد كفر بذات الرب سبحانه.

وقال تعالى: ﴿وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ﴾ [الرعد: ٥]، وذلك أن إنكار المعاد يتضمن إنكار قدرة الربّ وعلمه وحكمته وملكه الحق وربوبيته


(١) ما بين المعقوفين ساقط من الأصل، واستدركته من النسخ الثلاث الأخرى.

<<  <  ج: ص:  >  >>