للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإلهيته، كما أن تكذيب رسله وجحد رسالتهم يتضمن ذلك أيضًا، فمن كذّب رسله وجحد المعاد؛ فقد أنكر ربوبيته سبحانه، ونفى أن يكون ربًّا للعالمين.

والمقصود: أنه سبحانه خلق الغنى والفقر مطيتين للابتلاء والامتحان، ولم ينزل المال لمجرد الاستمتاع به، كما في "المسند" عنه قال: "يقول اللَّه تعالى: إنا أنزلنا المال لإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، ولو كان لابن آدم وادٍ من مال لابتغى إليه ثانيًا، ولو كان له ثانٍ لابتغى له ثالثًا، ولا يملأ جوت ابن آدم إلا التراب" (١)، فأخبر سبحانه أنه أنزل المال ليستعان به على إقامة حقه بالصلاة، وإقامة حق عباده بالزكاة، لا للاستمتاع والتلذذ كما تاكل الأنعام.

فإذا زاد المالُ على ذلك أو خرج عن هذين المقصودين، فات الغرضُ والحكمةُ التي أُنزل لها وكان التراب أولى به، فرجع هو والجوف الذي امتلأ بمحبته وجمعه إلى التراب الذي هو أصله، فلم ينتفع صاحبه به، ولا انتفع الجوف الذي امتلأ به (٢) بما خُلق له من الإيمان والعلم والحكمة. فإنه خُلق لأن يكون وعاء لمعرفة ربه وخالقه، والإيمان به، ومحبته وذكره، وأنزل عليه من المال ما يستعين به على ذلك، فعطل (٣) جوفه عما خُلق له وملأه بمحبة المال (٤) وجمعه والاستكثار منه، ومع


(١) "المسند" (٥/ ٢١٨ - ٢١٩).
وصححه الألباني في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" رقم (١٦٣٩).
(٢) "به" ساقطة من الأصل، واستدركتها من النسخ الثلاث الأخرى.
(٣) بعد هذه الكلمة في (م) و (ن): "الجاهل باللَّه وبأمر اللَّه وبتوحيد اللَّه وأسماء اللَّه وصفاته". وفي (ب): "الجاهل باللَّه وبأمر اللَّه وبتوحيد اللَّه وبأسمائه وصفاته".
(٤) بعد هذه الكلمة في (م): "وجمعه الفاني الذاهب الذي هو ذاهب عن صاحبه أو =

<<  <  ج: ص:  >  >>