للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك فلم يمتلئ بل ازداد فقرًا وحرصًا إلى أن امتلأ (١) جوفه بالتراب الذي خُلق منه، فرجع إلى مادته الترابية التي خُلق منها هو وماله، ولم تتكمل مادته بامتلاء جوفه من العلم والإيمان الذي بهما كماله وفلاحه وسعادته في معاشه ومعاده.

فالمال إن لم ينفع صاحبه ضرّه ولا بدّ، وكذلك العلم والملك والقدرة كل ذلك إن لم ينفعه ضرّه، فإن هذه الأمور وسائل لمقاصد يتوسل بها إليها في الخير والشر، فإن عُطلت عن التوسل بها إلى المقاصد والغايات المحمودة تُوُسِّل بها إلى أضدادها.

فأربح الناس من جعلها وسائل إلى اللَّه والدار الآخرة وذلك الذي ينفعه في معاشه ومعاده، وأخسر الناس من توسّل بها إلى هواه ونيل شهواته وأغراضه العاجلة فخسر الدنيا والآخرة. فهذا لم يجعل الوسائل مقاصد، ولو جعلها كذلك لكان خاسرًا، لكنه جعلها وسائل إلى ضد ما جُعلت له، فهو بمثابة من توسل بأسباب اللّذة إلى أعظم الآلام وأدومها.

فالأقسام أربعة لا خامس لها:

أحدها: معطلٌ للأسباب معرض عنها.

الثاني: مكبّ عليها واقف مع جمعها وتحصيلها.

الثالث: متواصل بها إلى ما يضرّه أو لا ينفعه في معاشه ومعاده.


= بالعكس". وفي (ب) و (ن): "الفاني الذاهب الذي هو ذاهب عن صاحبه أو بالعكس".
(١) في الأصل: "أملأ". حيث سقطت التاء. والاستدراك من النسخ الثلاث الأخرى.

<<  <  ج: ص:  >  >>