للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

ثم أخبر تعالى عنها أنها تفاخرٌ بيننا، يفاخر بعضُنا بعضًا بها، فيطلبها ليفخر بها على صاحبه، وهذا حال كل من طلب منها شيئًا للمفاخرة من مال أو جاه أو قوة أو علم أو زهد.

والمفاخرة نوعان: مذمومة ومحمودة.

فالمذمومة: مفاخرة أهل الدنيا بها.

والمحمودة: أن يطلب المفاخرة في الآخرة، فهذه من جنس المنافسة المأمور بها (١)، وهي أن الرجل ينفس على غيره بالشيء، أي: يغار أن يناله دونه، ويأنف من ذلك ويحمي أنفه له.

يُقال: نفِستُ عليه الشيءَ، أنفَسه نفاسة إذا ضننت به، ولم تحبّ أن يصير إليه دونك، والتنافس تفاعل من ذلك، كأن كل واحد من المتنافسين يريد أن يسبق صاحبه إليه، وحقيقة المنافسة الرغبة التامة والمبادرة والمسابقة إلى الشيء النفيس.

فصل

ثم أخبر تعالى عنها أنها تكاثر في الأموال والأولاد؛ فيحبُّ كلُّ واحد أن يَكْثَر بني جنسه في ذلك، ويفرح بأن يرى نفسه أكثر من غيره مالًا وولدًا وأن يقال فيه ذلك، وهذا من أعظم ما يلهي النفوس عن اللَّه والدار الآخرة؛ كما قال تعالى: ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (١) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ﴾ (٢)


(١) كما في قوله تعالى: ﴿ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ (٢٦)﴾ [المطففين: ٢٦].
(٢) (ب): أكملت السورة حتى الآية الرابعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>