والتكاثر في كل شيء، فكل من ألهاه وشغله التكاثر بأمر من الأمور عن اللَّه والدار الآخرة، فهو داخل في حكم هذه الآية، فمن الناس من يلهيه التكاثر بالمال، ومنهم من يلهيه التكاثر بالجاه أو بالعلم، فيجمعه تكاثرًا وتفاخرًا، وهذا أسوأ حالًا عند اللَّه ممن يكاثر بالمال والجاه فإنه جعل أسباب الآخرة للدنيا (١)، وصاحب المال والجاه استعمل أسباب الدنيا لها وكاثر بأسبابها.
فصل
ثم أخبر سبحانه عن مصير الدنيا وحقيقتها وأنها بمنزلة غيث أعجب الكفار نباته.
والصحيح -إن شاء اللَّه- أن الكفار هم الكفار باللَّه، وذلك عرفُ القرآن حيث ذكروا بهذا النعت في كل موضع، ولو أراد الزّراع، لذكرهم باسمهم الذي يعرفون به، كما ذكرهم به في قوله تعالى ﴿يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ﴾ [الفتح: ٢٩]، وإنما خصّ الكفار بالإعجاب لأنهم أشد إعجابًا بالدنيا، فإنها دارهم التي لها يعملون ويكدحون، فهم أشد إعجابًا بزينتها وما فيها من المؤمنين.
ثم ذكر سبحانه عاقبة هذا النبات وهو اصفراره ويبسه، وهذا آخر الدنيا ومصيرها، ولو ملكها العبد من أولها إلى آخرها فنهايتها ذلك.
(١) في الأصل: "فإنه جعل أسباب الدنيا للآخرة". والمثبت من النسخ الثلاث الأخرى.