للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الغالب على أهلها وما فيها، وهو الغالب على اسمها، صار لها اسم الذم عند الإطلاق، وإلا فهي مبنى الآخرة ومزرعتها، ومنها زاد الجنة وفيها اكتسبت النفوس الإيمان ومعرفة اللَّه ومحبته وذكره ابتغاء مرضاته، وخير عيش ناله أهل الجنة في الجنة إنما كان بما زرعوه فيها.

وكفى بها مدحًا وفضلًا ما لأولياء اللَّه فيها من قرة العيون، وسرور القلوب، وبهجة النفوس، ولذة الأرواح، والنعيم الذي لا يشبهه نعيم بذكره ومعرفته ومحبته وعبادته والتوكل عليه والإنابة إليه والأنس به والفرح بقربه والتذلل له ولذة مناجاته والإقبال عليه والاشتغال به عن (١) سواه، وفيها كلامه ووحيه وهداه وروحُه الذي ألقاه من أمره فاجتبى (٢) به من شاء من عباده.

ولقد فضّل ابن عقيل (٣) وغيره هذا على نعيم الجنة، وقالوا: هذا حق اللَّه عليهم وذاك حظهم ونعيمهم، وحقه أفضل من حظهم (٤).

قالوا: والإيمان والطاعة أفضل من جزائه.

والتحقيق: أنه لا يصح التفضيل بين أمرين في دارين مختلفين، ولو أمكن اجتماعهما في دار واحدة لأمكن طلب التفضيل.


(١) في (ب): "عمن".
(٢) في النسخ الثلاث الأخرى: "فأخبر".
(٣) هو أبو الوفاء علي بن عقيل الحنبلي. وله مصنف في هذا الموضوع أسماه: "تفضيل العبادات على نعيم الجنات" وقد أشار إليه ابن رجب في كتابه "استنشاق نسيم الأنس" ص ٩٨ دون تصريح بنسبته إلى ابن عقيل، ثم شرع في نقد هذه التسمية. (العمير).
(٤) في (ب): "حقهم".

<<  <  ج: ص:  >  >>