للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

وإذا عُرف أن الغِنى والفقر والبلاء والعافية فتنة وابتلاء من اللَّه لعبده يمتحن بها صبره وشكره، عُلم أن الصبر والشكر مطيتان للإيمان لا يُحمل إلا عليهما، ولا بد لكل مؤمن منهما، وكل منهما في موضعه أفضل، فالصبر في مواطن الصبر أفضل، والشكر في مواطن الشكر أفضل.

هذا إن صح مفارقة كل منهما للآخر، وأما إذا كان الصبر جزء مسمى الشكر، والشكر جزء مسمى الصبر، وكل منهما حقيقة مركبة من الأمرين معًا كما تقدّم بيانه، فالتفضيل بينهما لا يصح إلا إذا جرّد أحدهما عن الآخر، وذلك فرض ذهني يقدره الذهن لا يوجد في الخارج.

ولكن يصح على وجه وهو: أن العبد قد يغلب صبره على شكره الذي هو قدر زائد على مجرد الصبر من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة، فلا يبقى فيه اتساع لغير صبر النفس على ما هو فيه لقوة الوارد (١) وضيق المحل، فتنصرف قواه كلها إلى كف النفس وحبسها للَّه، [وقد يغلب شكره بالأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة على قوة كفه لنفسه وحبسها للَّه] (٢) فتكون قوة إرادته وعمله أقوى من قوة امتناعه وحبس نفسه.


(١) ساقطة من الأصل، وأثبتها من النسخ الثلاث الأخرى.
(٢) ما بين المعقوفين ساقط من الأصل، واستدركته من النسخ الأخرى، مع ملاحظة أن كلمة: "على" ليست في (م) و (ن)، ولفظ الجلالة، غير موجود في (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>