للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واعتبر (١) هذا بشخصين: أحدهما حاكم على نفسه، متمكن من حبسها عن الشهوات قليل التشكي للمصيبات، وذلك جلُّ عمله.

وآخر كثير الإعطاء لفعل الخير القاصر والمتعدي، سمح النفس ببذل المعروف والبرّ، ضعيف النفس عن قوة الصبر.

فللنفس قوتان: قوة الصبر والكف وإمساك النفس، وقوة البذل وفعل الخير والإقدام على فعل ما تكمل به. وكمالها باجتماع هاتين القوتين فيها.

والناس في ذلك أربع طبقات، فأعلاهم من اجتمعت له القوتان، وأسفلهم من عُدم القوتين، ومنهم من قوة صبره أكمل من قوة فعله وبذله، ومنهم من هو بعكس ذلك.

فإذا فُضِّل الشكر على الصبر؛ فإما أن يكون باعتبار ترجيح مقام على مقام، وإما أن يكون باعتبار تجريد كل من الأمرين عن (٢) الآخر وقطع النظر عن اعتباره.

وتمام إيضاح هذا بمسألة الغني الشاكر والفقير الصابر، فلنذكر لها بابًا يخصها، ويكشف عن وجه الصواب فيها، واللَّه أعلم.


(١) في الأصل: "واعتبرا". والتصويب من النسخ الثلاث الأخرى.
(٢) في الأصل: "على". والتصويب من النسخ الثلاث الأخرى.

<<  <  ج: ص:  >  >>